كيف تسبب مونديال قطر في ارتفاع أسعار القات داخل اليمن لمستوى قياسي؟
تتواصل منافسات كأس العالم في نسخته الفريدة مونديال قطر 2022 وهو الحدث الأبرز رياضيًا والذي تنتظره جماهير كرة القدم من مختلف أنحاء العالم، كل أربع سنوات.
وحلَ علينا كأس العالم هذه النسخة التي تحمل رقم 22 بتنظيم عربي وعلى أرضِ عربية، وذلك لأول مرة في تاريخ المونديال، إذ تستضيفه قطر حتى 18 ديسمبر الجاري.
شغف ومتابعة مباريات مونديال قطر شيئًا منتشرًا بين جموع المواطنين حول العالم، للاستمتاع بالمنافسة الكروية الأكبر والأقوى والأغلى، والتي تضم أقوى منتخبات الكرة الأرضية، وأفضل اللاعبين في العالم.
وبالطبع وصل هذا الشغف إلى الشعب اليمني، الذي حرص على متابعة مونديال قطر 2022 منذ انطلاقة البطولة في 20 نوفمبر الماضي.
وتسبب هذا الشغف والمتابعة من جانب الشعب اليمني، إلى ارتفاع أسعار نبات القات لمستوى قياسي، كما تزايد معدل استهلاك القات الذي يتعاطاه معظم اليمنيين يوميا إلى مستويات قياسية وصلت إلى أكثر من 100%، خاصة في عدن وصنعاء وغيرها من مراكز المحافظات.
ويقول محبوب محسن، بائع قات في سوق الشيخ عثمان بمدينة عدن: "كانت مبيعاتي تنفد قبل المونديال بحدود الساعة الثالثة عصرا، لكنها الآن تنفد بحدود الواحدة ظهرا، بسبب تزايد الطلب عليه مع تزايد الرغبة في مشاهدة مباريات كأس العالم خاصة مع بدء دور الـ16".
وقال متعاطون للقات في عدن إن بائعي هذه النبتة المصنفة كمخدر من قبل منظمة الصحة العالمية، دائما ما يستغلون الأحداث الساخنة لرفع سعر القات جراء زيادة الطلب عليه.
وذكروا أن أسعار بيع القات وصلت إلى أرقام خيالية وسجلت مستويات قياسية منذ بدء منافسات الـ16 من مونديال قطر.
ويولي اليمنيون اهتماما كبيرا بمشاهدة مباريات مونديال قطر، خاصة أن البطولة تقام لأول مرة في بلد عربي، الأمر الذي جعلهم أكثر حماسا للمتابعة وبالتالي أكثر طلبا على القات الذي يساعدهم للجلوس لفترة طويلة في مجالس جماعية.
ووُضعت شاشات عملاقة في الساحات والشوارع الرئيسية في العديد من المدن اليمنية لمشاهدة المباريات.
ويمارس معظم اليمنيين مضغ القات منذ قرون، ويمثل أحد الثوابت القليلة في بلد تمزقه حرب منذ ثماني سنوات، تسببت في اهتراء نسيجه الاجتماعي وإلحاق خسائر تراكمية بالاقتصاد وصلت إلى 126 مليار دولار، وفق تقديرات الأمم المتحدة والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
ويرى عبد الله البدوي، بائع القات في عدن، أن ارتفاع الأسعار يرجع في جزء منه إلى قلة الإنتاج بسبب موجة صقيع تضرب المناطق الجبلية، التي يزرع فيها القات الذي يقل في فصل الشتاء نتيجة تأثر زراعته بالبرد القارس.
وقال البدوي لرويترز: "ارتفاع الأسعار ليس من البائعين في عدن، فنحن نشتري القات ممن يجلبه من محافظة الضالع شمالي عدن ونبيعه مع تحقيق ربح معقول".
وأضاف: "مع المونديال زاد الطلب عليه وربما يستغل البعض من التجار هذا الطلب ويرفعون سعره".
ويقول الصحفي المتخصص بالشؤون الاقتصادية ماجد الداعري لرويترز، إن بعض أصحاب مزارع القات بمحافظة الضالع يتعمدون تأخير قطف القات، حتى تأتي مواعيد ومناسبات، مثل كأس العالم أو مباريات "كلاسيكو الأرض" بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة، لأن سعر القات يقفز إلى ضعفي سعره بالأيام الأخرى.
ويصل متوسط قيمة ما يشتريه المواطن العادي من القات يوميا إلى نحو خمسة آلاف ريال يمني (حوالي أربعة دولارات)، بينما يبلغ نوع القات الجيد (12 دولارا).
والقات منتج نباتي يستهلك يوميا على نطاق واسع في اليمن، ويعد أهم محصول زراعي رابح تجاريا ورائج استهلاكيا هناك، نتيجة الأموال الكبيرة التي يحركها في الأسواق والتي تصل إلى نحو عشرين مليون دولار يوميا.
ويدر القات عائدات مادية تفوق بأربعة أضعاف مردود أي زراعة أخرى، طبقا لدراسات اقتصادية.