لحوم العلماء مسمومة.. فاياكم من التطاول عليهم.
أبدأ حديثي بذكر قوله تعالى:( إنما يخشي الله من عباده العلماء)، وأيضا قوله تعالى (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
وأذكر حديث النبي صل الله عليه وسلم، العلماء ورثة الأنبياء،.
لكن من هم هؤلاء العلماء، هم العلماء الربانيون، العالمون العاملون، المرابطون علي حدود الله، حراس العقيدة مما يدبر لها وما يحاك ضدها من مؤامرات يندي لها الجبين.
العلماء هم العلماء كل في مجال تخصصه فالطبيب عالم بعلوم الطب، وقس علي ذلك علماء الهندسة والصيدلة والفلك وعلماء التاريخ والجغرافيا والفلسفة والاجتماع والقانون، كل في مجاله، وكل يجتهد قدر طاقته للمحافظة علي ما منحه الله من نعم العلم، فالعلم يا سادة وتحصيله هبة ونفحة ربانية يهبها من يشاء من عباده، فالله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته، وأعي ما أقول، فالرسالة هنا ليس المقصودة بها الدين وانما تاويلها يكون كل حسب تأويله وتخصيص ذلك، فالعلم رسالة، وأكرم بها من رسالة، ولم لا وقد أمرنا الله تعالى بالعلم والمواظبة علي طلبه والسعي الحثيث إلي نشره، وإلا ما قال المعصوم صل الله عليه وسلم العلماء ورثة الأنبياء، وذلك لعظم دعوتهم المباركة.
فحقيق علينا أن نجلهم ونقدرهم ونحترمهم ونستفيد من علومهم، ليس هذا وحسب بل نجلس تحت أقدامهم في قضاء حوائجهم، لماذا لأنهم اجتهدوا وثابروا وكافحوا وبقروا في العلوم وغاصوا في بطون أمهات الكتب وتركوا لنا كنوز معرفية في شتي صنوف المعارف، لو مددنا أيدينا إليها وأخرجنا ما بها لتغير حالنا وصرنا إلي الأفضل والأقيم.
فرضي الله تعالي عن من سبقنا إلي الله تعالى منهم، وبارك في أعمار أسيادنا الذين يحيون منهم وبارك في علومهم وعملهم وحفظ الله رؤوسهم وعمائمهم من شياطين الجن والانس الذين أصبح خطرهم أشد ضراوة من الجن، الذين يقلبون الحق باطلا والباطل حقا، الذين يمكرون ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، الذين تؤزهم الشياطين أزا لينالوا من العلماء الربانيين، مشككين في علمهم افتراءا وكذبا وبهتانا وزورا.
أيتها السيدات والسادة أعيروني قلوبكم قبل عقولكم، هل كل من قرأ كتابا أو حتي عدة كتب نصب نفسه داعية، نصب نفسه حام للحمي وحافظا لبيضة الدين، أم من بقروا وتبحروا في العلوم وأفنوا أعمارهم حسبة لله تعالى للوصول إلي اجتهادات تفيد واقعنا المعيش.
أيها الأكارم، لا أقف مدافعا عن شخوص بعينها، وإن كان ذلك ليس عيبا.
وانما أقولها وأنا الواثق بالله أن الله بالغ أمره قد جعل لكل شيئ قدرا.
أقف مدافعا عن العلم الذي أفنينا أعمارنا في سبيل تحصيله، وملأنا به مؤلفات كثيرة، أدافع عن كل عالم قال كلمة لله تعالى، عن كل صاحب كلمة قالها مدافعا عن ثوابتنا وعن قيمنا وعن معتقداتنا التي أراد أن يعبث بها العابثون عن طريق نشر الرزيلة والفحش في المجتمع المتدين بطبعه الذي يحب دينه ويخاف عليه ويغضب له.
وللأسف تجد من يدافع عن أمثال هؤلاء، وأن هذه حرية، أقول أي حرية هذي، هذه ليست حرية بل سمك، لبن، تمر هندي، هذه ليست حرية بل فوضوية عبثية.
فالحرية مسؤولية، مسؤولية الكلمة، مسؤولية القول والفعل، وحرياتنا لا تتحقق إلا علي مسرح حريات الآخرين، عندما يكون الآخر حرا أصبح أنا حرا.
لا أنا نفعل ما نشاء في أي وقت نشاء، لا أن ننشر ما نشاء، فكل بيت به كل وسائل التقنية الحديثة التي من خلالها يشاهد ويسمع ويقرأ، ونحن مجتمع شرقي له عاداته وتقاليده.
فهل يليق بنا أن ندافع عمن ينشر الرزائل والرزائل كثيرة في واقع مأزوم نحياه إلا ما رحم ربي، لا، الواجب أن نتصدي بكل ما أوتينا من قوة لايقاف أمثال هؤلاء عند منتهاهم، ليس هذا وحسب بل ونشد علي أيدي من يتصدي لهم، ونبارك عملهم، بدلا من نوجه إليهم سهام النقد، ويا ليته نقد بناء بل نقض هدام، وسفسطة وتدليس.
أقول لأمثال هؤلاء قفوا عند منتهاكم، واعلموا أن الله يراكم ومطلع عليكم، ويعلم سركم وعلنكم، وجميعنا سنعرض عليه مصداقا لقوله تعالي (يومئذ تعرضون لا تخفي منكم خافية)
فماذا ستقولون لله تعالي عندما تعرضون عليه، ما حجتكم الذين ستحآجون بها، ماذا ستقولون عندما تكتب شهادتكم وتسئلون.
أحذركم من الخوض في العلماء والنيل منهم فالله تعالي يدافع عنهم، إن الله يدافع عن الذين آمنوا.
فلا تخونوا الله ورسوله ولا تخونوا أماناتكم واتقوا الله.
عودوا إلي رشدكم يا من تسول له نفسه العبث بالعلم وأهله، فلحوم العلماء مسمومة، ولا يرفع الله العلم من الأرض إلا بقبض العلماء.
فحافظوا علي ما تبقي لنا من العلماء وأكرموهم وأنزلوهم منازهم التي تليق بهم، ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين.
والله الذي في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه، ما دفعني إلي الكتابة عن هذا الموضوع إلا غيرتي علي العلماء وحزني الشديد علي التطاول عليهم ورميهم بالباطل وتخطيئهم تارة وتكذيبهم تارة أخرى.
أقول يا سادة ناقشوهم مناقشات موضوعية ولا تفتروا عليهم شناعات وكذبا وبهتانا وزورا.
قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا.
والله في القلب غصة وجرح غائر منكم ومن شناعاتكم التي فاقت المدي.