جزاء العفو عن الناس قبل ليلة النصف من شعبان.. آيات وأحاديث توضح
يبحث المسلمون في هذه الآونة عن جزاء العفو عن الناس وذلك قبل أيام قليلة من حلول ليلة النصف من شعبان والتي يستحب فيها التحلي بخلق العفو والتسامح، حيث تتواجد العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تؤكد أن الله عز وجل يطلع إلى جميع خلقه في هذه الليلة ليغفر لهم إلا لمشرك حتى يدع شركه، أو لمشاحن حتى يترك شحنائه.
جزاء العفو عن الناس
قبل أن نوضح لكم جزاء العفو عن الناس لا بد من التنويه بأن صفة العفو هي من صفات المتقين الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز من سورة آل عمران "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين".
وق وردت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التب توضح جزاء العفو عن الناس، ففي سورة التغابن "وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم"، وفي سورة النور "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم"، والمكافأة التي أوضحها لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم جزاء العفو عن الناس تتضح في الحديث التالي أيضا:
(من كظم غيظًا وهو قادر على أن يُنْفِذَهُ دعاه الله -عز وجل- على رُءُوس الخلائق حتى يخيِّره الله من الحور ما شاء).
والعفو هو اسم من أسماء الله الحسنى، وصفة من صفات الأنبياء والمرسلين والصالحين، وأحوج ما يكون العبد لهذا الخلق قبل ليلة النصف من شعبان تحديدا، وهي الليلة التي يغفر الله فيها للعباد ويرفع فيها الأعمال ويتقبل فيها من جميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن، والمشاحن هو المخاصم الذي عجز عن التحلي بخلق العفو وعجز عن نيل ثواب جزاء العفو عن الناس.
حديث عن فضل العفو والتسامح
يرغب الكثيرون في هذا التوقيت الذي يسبق موعد ليلة النصف من شعبان بأسبوع واحد فقط في الاطلاع على حديث ن فضل العفو والتسامح ليتم تقوية النفس وإرغام القلب على التعاطف واللين، وهو ما نوضحه لكم لنيل الثواب والأجر العظيم كالتالي:
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله).
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحد اصبر على أذى سمعه من الله يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من جرعة أعظم أجرًا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله».
وقال صلى الله عليه وسلم «من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره الله من الحور ما شاء».
كيفية العفو عن الناس
ولمن يتساءل عن كيفية العفو عن الناس، فقد أوضح الفقهاء أن التعامل باللين والحسنة دون الغلظة والفظاظة يضمن للمؤمن التحلي بخلق العفو والخروج من باب الشحناء والخصومة كما جاء في الآية الكريمة (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
ولمن يرغب في نيل جزاء العفو عن الناس عليه تحقيق هذه الشروط:
- أن يعفو عن حقه قاصدا الأجر من الله فيترك الانتصار والانتقال لله تعالى، عن أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ: مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعَزَّ اللهُ بِهَا نَصْرَهُ، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ يُرِيدُ بِهَا صِلَةً إِلَّا زَادَهُ اللهُ بِهَا كَثْرَةً، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً إِلَّا زَادَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا قِلَّةً).
- ألا يعفو لضعف أو عجز بل يعفو مع قدرته على أخذ حقه "العفو عند المقدرة".
- أن يترتب على العفو إصلاح، ولا يترتب عليه الضرر فلا ينبغي العفو عن مجرم معروف بالشر وإيقاع الضرر بالناس.
نرصد لكم مواقف عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الخلق الذي علمنا جزاء العفو عن الناس كالتالي:
في البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه وهو يقول رب أغفر لقومي فأنهم لا يعلمون) رواه البخاري، ورواه مسلم.
ومن مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في العفو ما رواه مسلم عن انس ابن مالك رضي الله عنه قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه من خلفه جبذة حتى رأيت صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت به حاشية البرد من شدة جبذته فقال يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر له بعطاء) رواه مسلم
وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: ((قد لقيت من قومي وكان أشد ما لقيته منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرية الثعالب فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت منهم، فناداني ملك الجبال فسلم علي وقال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بما شئت فما شئت؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين فقال: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا)) [رواه البخاري ومسلم].
دعاء العفو عن الناس
- اللهم أيما شخص شتمني أو ظلمني أو آذاني أو نال مني أو أخذ مالي أو حقي اللهم إني عفوت عنه، اللهم فاعفوا عنه واغفر له وتجاوز عنه.
- اللهم يا من تقابل الإحسان بالإحسان والعفو بالعفو والصفح بالصفح اغفر واعفوا واصفح وسامح كل من ظلمني وقصر معي وآذاني، اللهم اغفر لهم ما قدموا وأخروا وأعلنوا وأسروا وما أنت أعلم به منهم. اللهم إني عفوت عن عبادك ممن قصّر معي أو استغابني أو دعا علي بدعوة أنا منها براء اللهم فاجعل لي ببركة هذا الدعاء وهذه المسامحة مخرجًا وحرزًا واعفوا عني يا أرحم الراحمين.
- اللهم أنت السميع العليم تعلم ما بي وما علي اللهم أنا أرجو نجاةً مما أنا فيه وأنت أرحم الراحمين.
- اللهم يا ربي إني أدعوك في هذ الشهر أن تعفو وتغفر وتصفح وتسامح لكل من أخطأ في حقي أو آذاني أو اغتابني أو شتمني أو ظلمني.
- اللهم ما كان لك علي فاغفره لي وما كان لعبدك علي فتحمله عني.
- ربنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.