خبير بالشؤون الإيرانية يكشف أبعاد التوافق السعودي الإيراني
أكد الدكتور محمد محسن ابو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن الصين نجحت في التوصل لاتفاق بين السعودية وإيران لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث تستهدف "ملء الفراغ" في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف ابو النور أنه باختصار وحتى يحين وقت التحليل العميق بخصوص التطبيع السعودي ــ الإيراني، يمكن القول إن هذا الحدث ضخم وأضخم بكثير من مجرد كونه تسوية سياسية عادية بين دولتين إقليميتين كبيرتين.
وشدد على أن دلالة ضخامة الحدث تكمن في أنه يأتي بعيدا عن الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الأولى في التاريخ، وهي التي كانت توصف سابقا بأنها راعية السلم والأمن الدوليين، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، لافتا إلى أنه كما أن مباحثات التطبيع تمت في بكين منذ الإثنين الماضي حتى اليوم الجمعة في وقت كان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يتجول في المنطقة وقد بدأ جولته من الأردن ومر فيها على إسرائيل والعراق وأنهاها بزيارة القاهرة يوم الأربعاء، ما يعني تسديد ركلة إلى تحركات أكبر شخصية في البنتاجون.
وتابع: "في تلك الأثناء أقام وزير الخارجية الصيني "وانج يي"، مؤتمرا صحفيا هذا الأسبوع قال فيه صراحة إن "الصين ستتدخل في أزمات الشرق الأوسط وإنها لن تحاول ملء الفراغ في المنطقة".
واستطرد: "يعني هذا أن الصين بالفعل نفذت تهديدها المبطن بـ "ملء الفراغ" في المنطقة، وهو الفراغ الناجم عن تراجع الدور الأمريكي، ورؤية الدول العربية أمريكا كطرف غير نزيه في حلحلة كل مشاكل الإقليم وعلى رأسها مشكلة المشاكل وهي الصراع العربي ــ الإسرائيلي، وسقوط واشنطن من عين الدول العربية التي رأت أن البيت الأبيض يريد فرض أجندة ثقافية غير مواتية للتقاليد والأديان في هذه المنطقة وعلى رأسها مسألة الشذوذ الجنسي وخلافه".
ونوه قائلا؛ "ولعل دخول الصين إلى ملف العلاقات السعودية ــ الإيرانية يعني كذلك تدشين مرحلة جديدة من الدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط ومزج الاقتصادي بالسياسي والعمل في المسارين معا جنبا إلى جنب، تنفيذا لتعهدات الصين بحماية مصالحها ومصالح شركائها في هذا الإقليم، مضيفا أن الجميع يعرف أن الصين أبرمت مع إيران اتفاقا استراتيجيا لمدة 25 عاما اختلط فيه السياسي بالاقتصادي بالإستراتيجي، كما أن بها ما لا يقل عن 65 مليار دولار من الاستثمارات السعودية على أراضيها، وهي بحاجة ماسة إلى النفط القادم من دول الخليج العربي بشطريه الخليجي والإيراني.
وقال: “النقلة الكبيرة على رقعة الشطرنج الدولية هي أن مثل هذا الاتفاق لم يكن ليتم برعاية دولة عربية مثل العراق أو سلطنة عُمان، اللتين استضافتا محادثات سرية ثم علنية بين الرياض وطهران منذ إبريل 2021، وهو ما يعني انتقال الملف من بعده الإقليمي إلى بعده العالمي بالمنظور الشامل للنظرية البنيوية في النظام الدولي”.
وأكد على ان النقطة الأخيرة في الخطوة الصينية أن مثل هذا الاتفاق في بكين معناه تنفيذ الصين إجراء عقابي واسع النطاق وممتد التأثير إلى اللاعب الأمريكي عقابا له على صفقة سلاح تم الإعلان عنها قبل أيام لتايوان بقيمة ما يزيد عن 619 مليون دولار تشمل أسلحة متقدمة.
واختتم قائلا: “ وفق كل ما أعلاه دخلت الصين إلى ملف التسوية السعودية ــ الإيرانية وهي تنظر بإحدى عينينها إلى منطقة الخليج العربي شديدة الثراء بالمصالح الاقتصادية والاستراتيجية وتعرف أن أمريكا مثل أسد عجوز فاسد انشغل بإتلاف الغابة بالفواحش، واكتفى بمتابعة الاتفاق على شاشة سي إن إن، وتنظر بالعين الأخرى إلى منطقة مضيق تايوان شديدة الثراء بالمصالح الأمنية والاقتصادية والجيوستراتيجية في آن معًا.”