تداعيات الاتفاق السعودي الإيراني على الملف اليمني
ما زالت ردود الأفعال تتوالى بشأن "إعلان بكين" عن استئناف العلاقات السعودية الايرانية وإعادة إحياء اتفاقات أمنية ثنائية وربما التوقيع على اتفاقات جديدة بين البلدين المحوريين في المنطقة، وتوزعت ردود الأفعال الاقليمية والدولية بين مرحب وممتعض أو منزعج، والأخيرة كانت هي الأقل حتى الآن. ما يهمنا أن نتناول ردود الأفعال في الداخل اليمني وتداعيات هذا الاتفاق على الملف اليمني برمته.
كان المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعتبر القوة الأكبر عسكريًا وشعبيًا في الجنوب وفي الحرب على الحوثيين وعلى الإرهاب، كان وعلى لسان ناطقه الرسمي على الكثيري أول المرحبين بهذا الاتفاف.
حيث رحب المجلس الانتقالي الجنوبي بالاتفاق المبرم بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية برعاية جمهورية الصين الشعبية والمتضمن إستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وقال الكثيري على صفحته في كل من "تويتر" و"فيس بوك": "إذ يرحب المجلس بهذا التطور الإيجابي ليأمل أن يسهم ذلك في توطيد الأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم".
وأضاف "إن ترحيبنا هذا ينطلق من دعوة سبق مبكرًا أن أطلقها الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي دعا من خلالها الأشقاء في المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الإيرانية إلى الحوار واستئناف العلاقات بينهما، تجسيدًا لحرصنا على توطيد العلاقات بين شعوب وبلدان منطقتنا".
أما الحوثيون فقال الناطق الرسمي باسمهم محمد عبدالسلام في تغريدة له على حسابه في تويتر، "المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها تسترد بها الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية وعلى رأسها الصهيوأمريكية".
وأضاف ناطق الحوثيين أن "التدخلات الأجنبية عملت على الاستثمار في الخلافات الإقليمية واتخذت الفزاعة الإيرانية لإثارة النزاعات وللعدوان على اليمن".
وعلق القياديان في حزبي الإصلاح والمؤتمر اليمنيين على الاتفاق الإيراني والسعودي. حيث قال القيادي في حزب المؤتمر الدكتور أبو بكر القربى وهو وزير خارجية سابق، في تغريدة له بحسابه على "تويتر" "إن عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران تعزز من خفض التوتر وتساعد على حل عدد من أزمات المنطقة، وتدل على أن مراكز التأثير الدولية تتغير خدمة للمصلحة الوطنية ورفضا لاستثمار الآخرين لأزمات المنطقة"، مضيفًا "وعلى اليمن ألا تحصر ما جرى بأزمتها ولكن كيف يتم توظيفه لحلها".
القيادي في حزب الإصلاح عبده سالم قال في تغريدة له نشرها على حسابه في فيس بوك: "كلا الطرفين إيران + السعودية... بحاجة إلى الاتفاق لتسوية أمورهما وإعادة صوغ معادلتهما في المنطقة، وربما إيران أحوج إلى الاتفاق من المملكة لمعالجة أزماتها الداخلية والإقليمية". وأضاف، "أن المستفيد الأكبر من هذا الاتفاق هي (الصين)".
ويقرأ من هذه التعليقات للاطراف اليمنية الفاعلة على الأرض وفي ضوء المواقف الاقليمية والدولية، حيث الانزعاج الإسرائيلي والامتعاض الأمريكي وصمت بعض الدول أن تداعيات هذا الاتفاق على الملف اليمني ستكون في مجملها إيجابية لجهة خفض التصعيد ووقف إمدادات الاسلحة والخبراء وربما الوصول إلى هدنة طويلة الأمد وتبادل الأسرى وتخفيف المعاناة الإنسانية وخاصة في الشمال، حيث استغل الحوثيون حالة الحرب والطوارئ إلى تشديد قبضتهم الحديدية وعسكرة الحياة لصالح مجهودهم "الحربي" وعلى حساب معاناة بسطاء الناس في الشمال الذين اضطر الكثير منهم إلى النزوح جنوبا مما شكل ضغطا إضافيا على المواطنين في الجنوب... ناهيك عن نزوح إعداد كبيرة منهم إلى الخارج وخاصة مصر.
هذا الاتفاق يمكن أن يقطع على تجار الحروب والأزمات فرصة التكسب والمتاجرة واستغلال ظروف الحرب لصالحهم وعلى حساب عامة الناس.
يوفر هذا الاتفاق فرصة كبيرة للأطراف اليمنية لوقف الحرب والجلوس على طاولة مفاوضات للوصول إلى حل شامل وعادل يكون أساسه حل مشكلة الصراع المزمن في اليمن المستمر منذ حرب ١٩٩٤م، والمتمثل بإصرار مراكز القوى في الشمال على فرض الوحدة اليمنية بالقوة على الجنوب الذي عبر مرارا وتكرارًا، سلمًا وحربًا، عن رفضه لأي شكل من اشكال هذه الوحدة، وحقه في استعادة دولته المستقلة.