بين مأرب والضالع.. ما وراء التصعيد الحوثي الأخير

الحوثيين
الحوثيين

باديء ذي بدء، ليس صحيحا القول أن الحوثيين صعدوا في الفترة الأخيرة في مأرب فقط، بل أن التصعيد الحوثي كان اشرس باتجاه الضالع، وهو كذلك منذ بداية الحرب عام ٢٠١٥م.


بيد أن تصعيد الحوثيين العسكري في محافظة مأرب هذه المرة موجه إلى إفشال التوصل لاتفاق سلام طال انتظاره لإنهاء حرب اليمن التي تعيشها عامها التاسع.


محافظة مأرب أو بالأدق ما بقي منها هي آخر المحافظات اليمنية الشمالية الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، وهي سيطرة ظلت لصالح حزب الإصلاح(إخوان اليمن) أصلا.


الحوثيون شنوا يوم الثلاثاء هجومًا مفاجئًا إلى حدٍ كبير للسيطرة على عدة جبال ذات أهمية استراتيجية في مديرية حريب غربي محافظة مأرب من اتجاه الشمال.


والجدير بالذكر أن هذه المديرية التابعة لمحافظة مأرب كانت قد حررتها قوات العمالقة الجنوبية في أوائل يناير ٢٠٢٢م وسلمها فعلا للمقاومة الماربية.


وبالفعل سيطر الحوثيون  على “جبال بوارة الاستراتيجية والتي تشرف على معظم الجبهات في حريب”، لكن القوات الحكومية وخاصة العمالقة الجنوبية  تستميت لاستعادة المناطق التي سيطر عليها الحوثيون. وجرى استعادة بعض المواقع ويجري التحرك بشأن استعادة البقية، وعلى الأرجح أن قوات العمالقة قد استعادة كل تلك المواقع.


هدف هذا التصعيد هو أن تتوسع هذه المعارك باتجاه جبهة ملعاء، ومديرية عين في محافظة شبوة الجنوبية المجاورة.
عشرات سقطوا بين شهيد وجريح من القوات الحكومية وخاصة العمالقة الجنوبية، وأضعافهم من المهاجمين الحوثيين.


ولم يعلق الحوثيون بَعد على المواجهات.
ويأتي تصعيد الحوثيين في وقت يجرون فيه محادثات مع السعودية برعاية سلطنة عمان. بالتزامن مع جهود دولية لتحقيق اتفاق لهدنة جديدة طويلة الأمد في اليمن، تحت رعاية الأمم المتحدة.

 وبعد أيام قليلة من إعلان الاتفاق السعودي الإيراني الذي من المتوقع أن يساهم في تحقيق تقدم في الملف اليمني.


غير إن الاتفاق السعودي الإيراني لن يؤثر بشكل كبير على الملف اليمني، فليس من السهل إنهاء سيطرة الحوثيين على صنعاء واستعادة أسلحة الدولة التي استولوا عليها وإجبارهم على التخلي عنها.


كما تأتي المعارك بعد يوم واحد (يوم الاثنين) من اتفاق الحكومة والحوثيين على تبادل نحو 887 أسيرًا ومعتقلا بمحادثات في سويسرا يسرتها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.


وفي الأسبوع الماضي، قال هانس غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، إن الوضع العسكري العام في البلاد لا يزال “مستقرًا نسبيًا” وأن عناصر الهدنة الأخرى ما زالت قيد التنفيذ، على الرغم من أنه أعرب عن قلقه إزاء الزيادة الطفيفة في العدد وكثافة الاشتباكات في عدة مناطق على خط المواجهة، بما في ذلك مأرب وتعز.


إجمالا.. التصعيد الحوثي موجه ضد الجنوب وضد الجهود الاقليمية والدولية لتمديد الهدنة وبالتالي لتمهيد الارضية الملائمة للوصول إلى حل سياسي شامل وعادل.


ما زالت حالة اللاحرب وللاسلم هي الطاغية على الحرب وخاصة في شمال اليمن.