منظمة: حقوق المهاجرين الافارقة لا تزال أسيرة بين جحيم الطرائق وآليات الحوكمة
تفضي متغيرات النظام الدولي تجليًا واضحًا لظاهرة الهجرة بصورتيها؛ النظامية وغير النظامية حد تسجيلها لما يقارب 281 مليونًا مهاجرًا بما يعادل 3.6% من سكان العالم خارج حدودهم ومواطنهم الأصلية، لاعتبارات متباينة ومتعددة الأبعاد؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والأمنية، والتي تفرض بدورها ضغوطًا إضافية في غير صالح الدول المستضيفة للمهاجرين ولا سيما داخل القارة الأفريقية، إذ ترصد إحصاءاتها نحو 21 و11 و5 و3 ملايين مهاجرًا في الداخل الأفريقي وأوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية على التوالي.
جاء هذا في الدراسة التي أطلقتها مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الانسان، تحت عنوان "حقوق المهاجرين الأفارقة.. بين جحيم الطرائق وآليات الحوكمة". وتأتي الدراسة في سياق اهتمام ماعت بتعزيز حقوق الفئات الضعيفة والمهمشة. وتسلط الدراسة الضوء على وقائع مهاجري القارة الأفريقية بالتركيز على رحلتهم أثناء العبور في الشمال الأفريقي وعقب وصولهم إلى القارة الأوروبية بالتركيز على بريطانيا وألمانيا.
وتقدم الدراسة تعريفًا لمفهوم حوكمة الهجرة، وتسرد أطرها القانونية: الدولية والأفريقية، وترسم خارطة لإحصاءات مهاجري القارة الأفريقية وترصد الوقائع الحقوقية لمهاجري القارة في جهات العبور والوصول وتقدم إطارها ورؤيتها لحوكمة هجرة الأفارقة وتفعيلها، بجانب مجموعة من التوصيات حيال ذلك.
وبالحديث عن موضوع الهجرة في إفريقيا أشار أيمن عقيل؛ الخبير الحقوقي الدولي، ورئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، إن إفريقيا تعتبر قارة متحركة؛ إذ بلغت المستويات القياسية لظاهرة الهجرة أكثر من 40 مليون مهاجر أفريقي منذ بدايات عام 2023، ولا شك أن هؤلاء المهاجرين وأسرهم يظلون تحت وطأة التعرض للاستغلال والتعذيب والاسترقاق والتعذيب والاختطاف والعنف الجنسي والجسدي طيلة رحلتهم من قبل جهات العبور والمقصد والترحيل القسري.
وأوضح "عقيل" أنه على الرغم ما تفرضه الأطر الدولية والإقليمية والوطنية من التزامات حقوقية وسياسات الحوكمة والإدارة المستدامة لظاهرة الهجرة وضحاياها، إلا أنه لم يلق تفعيلًا واقعيًا وعمليًا تجاه المهاجرين الأفارقة. إذ تحمل القارة الأوروبية نحو 11 مليون مهاجرًا إفريقيا، مُعرضين لمخاطر تتعلق بعدم الحماية، والعودة القسرية، وممارسات التمييز العنصري.
فعلي سبيل المثال لا الحصر في المملكة المتحدة، يتم توقيف الأشخاص ذوي البشرة السمراء 6 مرات على الأقل من الأشخاص البيض ولا ينال أكثر من60% من ذوي البشرة السمراء بما في ذلك الأفارقة المهاجرين المنحدرين من أصل أفريقي ولا ينالون من الرعاية الصحية الجيدة. واوصي "عقيل" حكومات الدول الأوروبية بإعادة النظر في برامجها المعنية بالهجرة في البحر المتوسط وشراكتها مع حكومات جنوب المتوسط وخاصة ليبيا وتونس وتقييم آثارها على المهاجرين ومدى اتساقها بالالتزامات الحقوقية
فيما أكد سيد غريب؛ الباحث بوحدة التنمية المستدامة في مؤسسة ماعت، أن حقوق المهاجرين الأفارقة تقع كغيرها أسيرة الوقائع والمتغيرات المجتمعية السائدة في أوروبا من اليمين المتطرف وخطابات التمييز والكراهية وخطابات الشعبوية والتمييز؛ حيث يتعرضون لانتهاكات حقوق الإنسان بفعل بشرتهم السمراء ليعاني منها ما يزيد عن 11: 15 أفريقي.
وأوضح غريب أنه إلا أنه لا يوجد أي سياسة واضحة مخصصة لمكافحة التمييز والعنصرية ضد المنحدرين من أصل أفريقي بل يتم وصفهم بالأقليات غير المرئية دون الاعتراف بهم. وعليه أوصى حكومات بلدان المعبر والمقصد بتدشين برامج مكافحة الكراهية والعنصرية تجاه المهاجرين وضبط ومنع المؤسسات الثقافية والحزبية والإعلامية من الترويج لأشكال العنصرية والتمييز والتنميط العنصري تجاه الأفارقة وتحثها على تصحيح صورة المهاجر الإفريقي
يجدر الإشارة إلى أن ملف المهاجرين وتعزيز أوضاع الفئات الضعيفة والمهمشة من ملفات اهتمام مؤسسة ماعت، وعليه فتأتي هذه الدراسة كأحد مخرجات الندوة التي عقدتها مؤسسة ماعت في 15 أغسطس الجاري، بعنوان "حوكمة قضايا المهاجرين في إفريقيا: الأهداف وآليات التنفيذ". وذلك في إطار التحضير للدورة 77 للجنة الافريقية لحقوق الإنسان والشعوب، بيد أن موضوع الهجرة داخل وخارج القارة الأفريقية واحد من المواضيع ذات اهتمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والمتمثلة في ولاية المقرر الخاص المعني بشؤون اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين والأشخاص المشردين داخليا، والذي تتعاون مع مؤسسة ماعت بصورة متواصلة.