أهداف وعواقب تسليح أوكرانيا بالمسيرات والقذائف العنقودية
رغم دعم الولايات المتحدة الأمريكية وكل دول الناتو لأوكرانيا بأسلحة ومعدات متطورة، إلا أنه ما يزال تناسب القوى والوسائل مختلًا لصالح روسيا.
وسبق أن قدمت الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا القنابل العنقودية، وهي تفعل ذلك لأول مرة في إطار تصاعد المواجهة غير المباشرة مع خصمها اللدود ومنافسها الأقوى في الجانب العسكري روسيا، هي تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية وكذلك بأحدث الطيران المسير في محاولة أمريكية بريطانية وعربية بشكل عام لتشجيع أوكرانيا على إطالة أمد المقاومة بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد في تحقيق أهدافه.
وتسلمت أوكرانيا القذائف العنقودية من الولايات المتحدة في شهر يوليو الماضي، ما أثار ردود فعل غاضبة من روسيا على اعتبار أن هذا السلاح تحرمه أكثر من 100 دولة حول العالم.
أهداف استراتيجية من الهجوم
أما واشنطن فقالت إن الغاية من إمداد أوكرانيا بهذا السلاح هو ضمان ألا توقف روسيا تقدم الهجوم المضاد الذي تشنه كييف حاليا، وهو في حقيقة الأمر هجوم لم يحقق أيًا من أهدافه الاستراتيجية حتى الآن.
صحيح أن الهجمات الأوكرانية بواسطة مسيّرات قد ازدادت في الأسابيع الأخيرة ضد الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو عام 2014، مستهدفة خصوصًا العاصمة الروسية، في إطار الهجوم المضاد الذي تشنه كييف منذ أوائل يونيو، إلا أن كل ذلك لم يحدث اختراق النوعي في مسار الحرب.
وقد استغلت روسيا هذا الدعم سياسيًا من خلال تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن روسيا تعمل على تعزيز التعاون العسكري التقني مع الحلفاء، وأن الغرب يصب الزيت على النار في أوكرانيا.
ما هي الذخائر العنقودية؟
الذخائر العنقودية هي أسلحةٌ تتكوّن من حاويةٍ تُفتح في الهواء، وتَنثُر أعدادًا كبيرةً، من القنابل الصغيرة أو الذخائر الصغيرة المتفجِّرة. وتُلقى الذخائر العنقودية من الجو أو البحر أو البر، وغالبية الذخائر الصغيرة التي تطلقها معدّ للانفجار عند الاصطدام، لكنها تتسم بميزة السقوط الحر، أي أنها غير موجّهة نحو هدف معيّن.
وفق المعطيات الدولية الرسمية، أنتجت 34 دولة أكثر من مئتي نوع من الذخيرة العنقودية، وتُخزّن 87 دولة هذه الذخائر، من بينها 16 دولة استخدمتها بالفعل، خلال النزاعات المسلحة.
وتسبّب استخدام تلك الأسلحة بشكل واسع في انتشار آلاف، وربما ملايين الذخائر الصغيرة غير المنفجرة، في الكثير من البلدان والمناطق، مما يشكل خطرا بالغا على المدنيين. وبسبب خطورتها، اعتمد مؤتمر دبلن، في مايو 2008، اتفاقية الذخائر العنقودية.
وتضع الاتفاقية قواعد صارمة لضمان عدم استخدام الذخائر العنقودية، والتخلص منها، كما أن استخدام هذه الأسلحة ينتهك القانون الإنساني الدولي، أي مبدأ التمييز (الحاجة في أي صراع مسلح للتمييز بين المقاتلين والمدنيين، وبين الأغراض العسكرية والمدنية). كما أن المخاوف تتعلق بانتهاك مبدأ التناسب والقاعدة المضادة للهجمات العشوائية.
في المجمل
يتمثل الأثر المباشر لمد أمريكا لأوكرانيا بهذه القنابل العنقودية في أنه أدى إلى تآكل جزء كبير من الأرضية الأخلاقية التي تقف عليها الولايات المتحدة في اتخاذ موقف داعم لأوكرانيا منذ بداية الصراع في فبراير 2022.
ورغم أن جرائم الحرب الكثيرة المنسوبة إلى روسيا موثقة لدى الغرب، من المرجح أن تثير هذه الخطوة اتهامات بالنفاق للجانب الأمريكي.
ويتوقع على نطاق واسع أن تضع هذه الخطوة الولايات المتحدة في خلاف مع حلفائها الغربيين، وهو ما قد ينتج عنه الانقسام الذي يريده الرئيس فلاديمير بوتين ويحتاج إلى أن يراه في صفوف حلفاء الغرب.