غوتيريش: الوقف الإنساني لإطلاق النار هو السبيل الوحيد لإنهاء الكابوس في غزة
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية هو السبيل الوحيد للبدء في تلبية الاحتياجات الماسة للناس في غزة، وإنهاء كابوسهم المستمر، معربًا عن أمله في أن يساعد القرار الذي اتخذه مجلس الأمن مساء الجمعة في تهيئة الظروف اللازمة لتحقيق ذلك في نهاية المطاف على وقف العدوان على القطاع.
وقال في مؤتمر صحفي، إنه لا توجد حماية فعّالة للمدنيين في قطاع غزة، حيث يستمر القصف الإسرائيلي المكثف والعمليات البرية، مشيرًا إلى التقارير التي أفادت باستشهاد أكثر من 20 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، وإجبار 1.9 مليون شخص - أي 85% من سكان غزة- على ترك منازلهم، فيما يعاني النظام الصحي بشدة، وتتعامل المستشفيات في الجنوب العدد الهائل من المرضى والجرحى، التي تزيد بثلاثة أضعاف عن طاقتها، أما في الشمال، فهي بالكاد تعمل.
وأوضح أنه وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، تلوح في الأفق مجاعة واسعة النطاق، ويواجه أكثر من نصف مليون شخص -أي ربع السكان- ما يصنفه الخبراء بمستويات كارثية من الجوع، ويعيش أربعة من كل خمسة من الأشخاص الأكثر جوعًا في أي مكان في العالم في غزة.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة في المؤتمر إلى ندرة المياه النظيفة، حيث وجدت اليونيسف أن الأطفال النازحين في الجنوب لا يحصلون إلا على 10% من كمية المياه التي يحتاجونها، ناقلًا عن قدامى العاملين في المجال الإنساني الذين خدموا في مناطق الحروب والكوارث في جميع أنحاء العالم ورأوا كل شيء، قولهم إنهم لم يروا شيئًا يماثل الوضع الذي يرونه في غزة اليوم.
وشدد على أن قياس مدى فعالية العملية الإنسانية في غزة بعدد الشاحنات التي يسمح لها بتفريغ المساعدات عبر الحدود يعد خطأً فادحًا، مشيرًا إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الطريقة التي تدير بها إسرائيل -القائمة بالاحتلال- في هذه الهجمات عليها تخلق عقبات هائلة أمام توزيع المساعدات الإنسانية داخل غزة، مؤكدًا أن أي عملية إغاثة فعّالة في غزة تتطلب توفير الأمن؛ وموظفين يمكنهم العمل بأمان؛ والقدرات اللوجستية واستئناف النشاط التجاري، حيث أن هذه العناصر الأربعة غير موجودة.
وعلى الصعيد الأمني، قال الأمين العام للأمم المتحدة في المؤتمر الصحفي إن القصف الإسرائيلي المكثف والقتال النشط في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في جميع أنحاء غزة يهدّد حياة المدنيين والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية على حد سواء، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة انتظرت 71 يومًا حتى تسمح إسرائيل -القائمة بالاحتلال- أخيرًا بدخول المساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، الذي تعرّض لاحقًا للقصف بينما كانت شاحنات المساعدات في المنطقة.
وفيما يتعلق بالعاملين الإنسانيين، أشار غوتيريش إلى مقتل 136 من زملائه في غزة خلال 75 يومًا، مؤكدًا أن الأمم المتحدة لم تشهد مثل هذه الأرقام خلال تاريخها من قبل.
وشدد على ضرورة تفريغ كل شاحنة تصل إلى معبري كرم أبو سالم ورفح، وإعادة تحميل حمولتها لتوزيعها في جميع أنحاء غزة، مبينًا أن الأمم المتحدة نفسها لديها عدد محدود وغير كاف من الشاحنات المتاحة لهذا الغرض، لأنه تم تدمير العديد من مركباتنا وشاحناتنا أو تُركت في الشمال بعد إجلائنا القسري والمتسارع، لكن السلطات الإسرائيلية لم تسمح لأي شاحنات إضافية بالعمل في غزة، وهذا يعيق بشكل كبير عملية المساعدات.
وأوضح الأمين العام أن إيصال المساعدات في الشمال أمر خطير للغاية بسبب الصراع والذخائر غير المنفجرة والطرق المتضررة بشدة، مضيفًا أن انقطاع الاتصالات المتكرر يجعل تنسيق توزيع المساعدات، وإعلام الناس بكيفية الوصول إليهم يكاد يكون مستحيلًا.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة في المؤتمر الصحفي، ضرورة استئناف الأنشطة التجارية، وقال: "الرفوف فارغة؛ والمحافظ فارغة، والبطون جائعة وفارغة، ولا يوجد سوى مخبز واحد يعمل في قطاع غزة بأكمله"، حاثًا على رفع القيود المفروضة على النشاط التجاري على الفور، مؤكدًا استعداد الأمم المتحدة زيادة دعمها للمنح النقدية للعائلات الضعيفة.
وانتقد بشدة التعليقات التي يدلي بها المسؤولين الإسرائيليين، التي تشكك في حل الدولتين، مشددًا على أن حل الدولتين بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام المستدام.
ولفت الانتباه إلى أن أي اقتراح بخلاف ذلك، يحرم الشعب الفلسطيني من حقوق الإنسان والكرامة والأمل، ويؤجج غضبًا يتردد صداه إلى ما هو أبعد من غزة، مؤكدًا أن الضفة الغربية المحتلة وصلت إلى نقطة الغليان.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش في المؤتمر الصحفي على ضرورة أن يتحدث المجتمع الدولي بصوت واحد عن حماية المدنيين، ووضع حد لمعاناتهم في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.