المرأة في الأردن.. شريك رئيس في السياسات والاستدامة البيئية
تؤدي النساء دورًا حاسمًا في مواجهة التغير المناخي والتحديات البيئية، بوصفهن عوامل تغيير، يدمجن الحلول الذكية مناخيًا في أعمالهن، ويستجبن للأزمات والتحديات البيئية، في الوقت الذي يؤكد فيه خبراء في الشأن البيئي أهمية دعم جهودهن وتعزيز أدوارهن وتمكينهن وإشراكهن في الخطط والسياسات البيئية.
وأدرك الأردن أهمية تعزيز دور المرأة في صنع القرار البيئي وأهمية مشاركتها في التصدي والتكيف مع التغيرات المناخية، باعتبارها طاقة عظيمة يجب الالتفات لها، في ظل التوجيهات الملكية للحكومات المتعاقبة بضرورة إدماج المرأة في القطاعات كافة، بما فيها القطاع البيئي.
مدير قطاع البيئة والتغّير المناخي والحدّ من مخاطر الكوارث في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الأردن، الدكتور نضال العوران، أكد أن البرنامج يعمل بالتعاون مع الجهات المعنية على تمكين النساء في مختلف المجالات وخاصة الحدّ والتخفيف من آثار التغّير المناخي والتكّيف معها، باعتبارهن من أكثر الفئات تأثرًا وتعرضًا لها.
وقال إن النساء في المناطق الريفية والبادية ينتمين لأسر تعتاش وتعتمد في مداخيلها المالية على الموارد الزراعية وتربية الدواجن والمواشي كمصدر رئيسي للدخل أو مكّمل له؛ مبينًا أن هذه الموارد معرضة للخطر بسبب حالات الطقس المتطرفة الناتجة عن التغير المناخي.
وتابع، لتحقيق ذلك لا بد من بناء قدرات النساء من خلال رفع الوعي والمعرفة بمفاهيم وأشكال التغيّر المناخي وتداعياتها على المجتمعات وطنيًا وعالميًا، مشيرًا في هذا الإطار إلى مشاريع البرنامج التي تستهدف النساء في الأردن كشريك فاعل.
وتشمل المشاريع حسب "العوران" محطة فرز النفايات في الشونة الشمالية؛ التي يعمل بها من 40 إلى 50 سيدة عبر إنشاء جمعية تعاونية لهنّ لإدارة المشروع، ومصنع معالجة السماد الطبيعي في لواء الكورة، ومصنع آخر لمعالجة السماد الطبيعي "مخلفات الماشية والدواجن" في محافظة المفرق؛ حيث تعمل النساء على تغليف وبيع منتجات المصنع.
كما يشمل مشروع الحصاد المائي على مستوى المنازل الريفية في مأدبا والكرك والطفيلة ومعان؛ بهدف دعم المحاصيل الزراعية للاستهلاك المنزلي، مبينًا أن هذا المشروع موجه للعائلات التي تترأسها امرأة، بالإضافة إلى مشاريع تتعلق بإدارة المناطق الساحلية والمحميات البحرية في العقبة، لإيجاد حلول طبيعية صديقة للبيئة.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للعدالة البيئية الدكتور محمد عيادات، إن التغير المناخي يعد أحد أبرز تحديات العصر الحديث، ولا يشكل الأردن استثناءً من ذلك، فالعالم أجمع يشهد الآثار الوخيمة لتغير المناخ.
وبين أن النساء ولا سيما نساء الأرياف في العالم، تتأثر بشكل مباشر بالكوارث وتغير المناخ باعتبارهن منتجات للأغذية وعاملات في الزراعة.
ولفت عيادات إلى دور وزارة البيئة في هذا السياق، في وقت أقرت فيه وزارة التخطيط برنامج التكيف مع التغير المناخي، الذي يهدف إلى زيادة مرونة المجتمعات الفقيرة والهشة لتأثيرات تغير المناخ في الأردن من خلال تشجيع المشاريع الابتكارية في قطاع المياه والزراعة، وتعزيز القدرات للتعامل مع المخاطر الناجمة عن التغير المناخي.
واستكمالًا للجهود الأردنية، أصدرت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، الإستراتيجية الوطنية للمرأة في الأردن لعام 2020- 2025، التي ركزت على تمكين المرأة في المجالات كافة، بما في ذلك التكيف مع التغيرات المناخية، إذ شملت الإستراتيجية مؤشرات لقياس تقدم مشاركة المرأة في العمل المناخي.
كما أقرت الحكومة الأردنية السياسة الوطنية للتغير المناخي لعام 2022- 2050، لتعزيز الجوانب المرتبطة في التكيف والحد من الآثار الناجمة عن التغير المناخي، وشددت على التعميم للمساواة بين الجنسين والشباب في هذا الجانب، وتطوير خطة عمل بشأن استهداف النوع الاجتماعي لجميع الإستراتيجيات والمشاريع المتعلقة بالتغير المناخي.
وتعمل وزارة البيئة، من خلال مديرية التغير المناخي، كونها نقطة اتصال وطنية لسكرتاريا الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي، وكل ما ينبثق عنها من برتوكولات واتفاقيات، وتمثل حلقة الوصل بين الجهات الدولية المانحة والعاملة في التغير المناخي ونظيرتها الوطنية المنفذة للمشاريع والبرامج.
وفي هذا الصدد تم إقرار السياسة الوطنية للتغير المناخي الأولى للأعوام 2013-2020 والمحدثة للأعوام 2022-2050، لتكون الوثيقة التي تقدم إرشادات لبناء مجتمع مرن للمناخ يكون جزءًا من التوجهات العالمية، فضلًا عن وثيقة المساهمات المحددة وطنيًا، إضافة إلى خطة عمل وثيقة المساهمات وقائمة الأولويات، التي تتضمن 35 مشروعًا ذا أولوية في القطاعات الأكثر تأثيرًا وتأثرًا بظاهرة التغير المناخي.
وفي ذات السياق تم إطلاق الخطة الوطنية للتكيف؛ لتراعي جميع الفئات بمن فيهم النساء والشباب، فيما تم إعداد عدد من تقارير البلاغات الوطنية، كان آخرها تقرير البلاغات الوطنية الرابع (2023) والذي تم تطويره بالاعتماد الكلي على الخبرات والجهود الوطنية.
وتمثل الخطة الوطنية للنمو الأخضر، خارطة طريق للتحول التدريجي نحو النمو الأخضر، وتركز على القطاعات الرئيسية الستة، وهي الطاقة والمياه والزراعة والسياحة والنقل وإدارة النفايات للأعوام 2021-2025.
ويُعد الأردن من الدول الناشطة في المنطقة وعلى الصعيد العالمي، من حيث تنفيذ الالتزامات الوطنية للاتفاقات والمواثيق الدولية، ويؤكد باستمرار التزامه الراسخ بقضايا التغير المناخي.
ومن أهم البرامج والمشاريع التي أنجزت بغرض دعم العمل المناخي، وتعزيز دور المرأة في هذا المجال: مشروع إيجاد وظائف خضراء للاجئين والمجتمعات المستضيفة، وبرنامج زيادة مرونة المجتمعات الفقيرة والهشة لتأثيرات تغير المناخ في الأردن، وإطلاق التقرير التحليلي للمساواة بين الجنسين وتغير المناخ، الذي يعد الأول من نوعه في الأردن.
ويُعد الأردن من الدول التي وقعت على إعلان "التحول العادل المستجيب للنوع الاجتماعي"، الذي تم اعتماده خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين كوب 28 في دولة الإمارات العربية المتحدة.
أستاذ هندسة البيئة والتغير المناخي في جامعة الحسين بن طلال الدكتور عمر الخشمان، قال إن المرأة جزء هام من إستراتيجية المناخ وتحقيق التكيف والتعامل مع التغير المناخي.
وبيّن أن التمكين والتعليم والمشاركة في التعامل مع المناخ والترويج للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر وترشيد الاستهلاك والمحافظة على الموارد الطبيعية، من الجوانب المهمة التي تسهم في تعزيز دور المرأة الهام في التغير المناخي.
ودعا الخشمان إلى دعم جهود المرأة وتعزيز دورها وتمكينها في جميع الجوانب، ومنها ضرورة تحسين وتطوير التشريعات القانونية بحماية البيئة والحد من التغير المناخي، وتعزيز دور المرأة في هذا الجانب من خلال ترشيد استهلاك المياه والمحافظة على الموارد الطبيعية وإعادة التدوير والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر لمواجهة آثار التغير المناخي.