زيارة بوتين إلى بيونج يانج.. رسالة روسية إلى واشنطن و"الناتو"
زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية ولقاء كيم جونغ أون في أول رحلة لبيونغ يانغ منذ 24 عاما...لم تكن حدثا عابرا، بل هو حدث بالغ الأهمية والدلالة والمغرب.
هذه الزيارة تأتي أيضا بعد زيارة كيم جونغ أون لروسيا ولقائه مع بوتين في سبتمبر من العام الماضي، بعد شهرين فقط، نجحت كوريا الشمالية في إطلاق قمر صناعي بعدما فشلت في القيام بذلك في المرتين السابقتين. لذا، فحتى لو لم يساعد الروس بشكل مباشر في مجال التكنولوجيا، فمن المؤكد أنهم شاركوا في تقديم التوجيه والمشورة وتبادل خبراتهم.. وهذا هو بالتأكيد مصدر قلق لدى الغرب وخاصة الولايات المتحدة.
أعتقد أنه كان مقصودًا أن الروس والكوريين الشماليين لم يذكروا صراحةً نوع المساعدة والمعونة التي يتحدثون عنها، لكن بوتين نفسه قال سوف يتشاركون التكنولوجيا العسكرية.
اللافت أن هذه الزيارة حظيت باهتمام كبير من الصحافة الروسية، حيث رأت فيها خطوة نوعية ستخلق واقعا جديدا في المنطقة يخدم مصالح روسيا وكل حلفائها.
إذ أن صحيفة نيزافيسيمايا أشارت إلى أن الغرب يخشى وصول العلاقات بين البلدين إلى مستوى يسمح بتغيير الوضع الجيوإستراتيجي بالمنطقة، مع تمكين كوريا الشمالية من فرصة الحصول على تقنيات عسكرية جديدة تحاول اكتسابها منذ سنوات.
وكان بوتين قد زار كوريا الشمالية في عام 2000، وأجرى محادثات مع رئيس البلاد آنذاك كيم جونغ إيل، والد الزعيم الحالي كيم جونغ أون، حيث وقع الزعيمان بوتين وكيم اتفاقية "شراكة استراتيجية".
ستأخذ العلاقات بين البلدين إلى مستوى جديد ونوعي.البعد الجديد النوعي يكمن، في تضمين الاتفاقية بندا ينص على تقديم المساعدة في حالة العدوان على أحد أطراف الاتفاقية.
وهذا الاتفاق يعد بالنسبة لكوريا الشمالية مهما للغاية، لأنها محاطة بخصوم متعددين متعاونين بشكل وثيق مع الولايات المتحدة.
وفي وقت سابق من هذا العام، وجهت موسكو ضربة قوية للعقوبات المفروضة على بيونغ يانغ من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لتمديد فترة عمل اللجنة المشرفة على العقوبات.
كما أن روسيا يمكنها تبادل بعض المساعدات والخبرات مع كوريا الشمالية وخاصة ما يتعلق بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والذخيرة الخاصة بها.
كما أن كوريا الشمالية أكدت "دعمها الكامل لروسيا في تأمين حدودها والدفاع عن امنها القومي" في إشارة إلى الحرب في اوكرانيا.
الجدير بالذكر أيضا أنه وفي اطار سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مواجهة العقوبات الغربية توجه مباشرة بعد كوريا الشمالية فيتنام الشريكة منذ فترة طويلة، في زيارة دولة الخميس الماضي.
تحركات الرئيس الروسي شرقا ليس ترفا ولا مجاملة، بل توجه استراتيجي لإحداث تغييرات نوعية في في الشرق في إطار الصراع الكوني مع الولايات المتحدة خاصة والغرب بشكل عام.