ما وراء التصعيد الاثيوبي ضد مصر بعد الدعم العسكري للصومال
الخلافات بين مصر وإثيوبيا متعددة لكن أهمها ما يتصل بشأن سد النهضة، الذي تبنيه أو اوشكت على بنائه أديس أبابا على فرع النيل الأزرق، وتعتبر القاهرة أنه سيؤثر بشكل كبير على حصتها من مياه النيل.
هذا الخلاف أو بالأدق الصراع التاريخي يطول شرحه، لكن باختصار شديد مصر تعتبر تصرفات إثيوبيا تجاه مصر تمس أمنها القومي في الصميم، إذ تعتمد مصر بشكل شبه كامل على مياه النيل، وتعدّ السد تهديدا "وجوديا" لمواردها المائية.
مؤخرًا دخلت الصومال على خط هذه الأزمة بخلافات متصاعدة وتوتر ملحوظ بعد توقيع مذكرة تفاهم بين إثيوبيا وجمهورية أرض الصومال تقضي بحصول إثيوبيا على منفذ بحري وقاعدة عسكرية هناك،رغم ان هذا الأمر كان قد توقف بتدخل بعض الوسطاء.
لكن ظل هذا يشكل هاجسا لدى دول المنطقة وخاصة مصر من النوايا والافعال الاثيوبية الهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة والملاحة البحرية.
وفي تصعيد جديد أعلنت إثيوبيا تعيين سفيرا لها في ارض الصومال الغير معترف بها دوليا ردا على ما اعتبرته دعم مصر لمقاديشو.
في حقيقة الأمر مصر لم تذهب إلى الصومال إلا لحفظ السلام، سواء ضمن البعثة الأفريقية أو عبر القوات التي ستنتشر بموجب اتفاق بين البلدين. في الحالتين الهدف هو حفظ السلام وتجنب الحرب... من يزعزع استقرار المنطقة هو إثيوبيا التي تتعاون مع كيانات غير شرعية، وتعتدي في سبيل تحقيق أطماعها على أراضٍ لدولة مستقلة مثل الصومال، وهي ممارسات ذات نزعة استعمارية.
ويبدو أن التصعيد الاثيوبي
يعكس أزمة إثيوبية داخلية وتوترًا داخليًا لديها.
أما أزمة إثيوبيا الأساسية مع الصومال فهي منذ عقود، وشهدت حرب ضروس بينهما مع نهاية سبعينات القرن الماضي. لكن توقيع أديس أبابا اتفاقًا مع أرض الصومال هو ما رفع نسبة التوتر وليس الحضور المصري كما تقول إثيوبيا.
الشراكة المصرية الصومالية ليست عسكرية وتقتصر على التدريب ورفع الكفاءة العسكرية، بل تمتد لأبعاد اقتصادية وتنموية، وهذا ما يزعج إثيوبيا؛ أن تشهد مقديشو تطورًا تنمويًا اقتصاديًا تحتاج إليه البلاد، ومصر قادرة على دعم الصومال فيه.
الخلاصة
التصعيد الأخير قد يؤدي لقطيعة دبلوماسية بعد وصول القوات المصرية ولهجة التهديد الحادة من قبل الحكومة الإثيوبية بنشر قوات على الحدود مع الصومال في ظل أزمة تتفاقم بسبب سد النهضة.
أديس أبابا ستستغل هذا الحدث لتقوم بتجييش شعبها وعمل تعبئة تزيد من شعبية رئيس الوزراء آبي أحمد وهذا سيترتب عليه زيادة في التوتر القائم أصلًا بين إثيوبيا وكل من مصر والصومال.