ثورة 14 أكتوبر تجسد إرادة الجنوب في إزاحة الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة
تعد ثورة 14 أكتوبر عام 1963 أبرز تجسيد حقيقي لإرادة الجنوبيين في إزاحة الاحتلال البريطاني الذي جثم على صدور أهالي الجنوب بعد نهاية حكم الدولة العثمانية، وهي الثورة التي انطلقت من جبال ردفان بقيادة راجح بن غالب.
وتشير الوقائع التاريخية أن سلطات الاحتلال البريطاني وقتها شنت حملات عسكرية استمرت ستة أشهر، استهدفت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، ما تسبب في وقوع عشرات الشهداء والمصابين، وتشريد الألاف من المواطنين، حيث واتبعت القوات البريطانية في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان سياسة «الأرض المحروقة»، وخلفت كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللاإنسانية.
كان الاحتلال البريطاني قد سيطر على عدن عام 1839 عندما قامت شركة الهند الشرقية بإرسال مشاة البحرية الملكية إلى شواطئ المدينة وكانت تحكم كجزء من الهند البريطانية إلى سنة 1937 عندما أصبحت مستعمرة بحد ذاتها تابعة للتاج البريطاني.
وكانت عدن أكثر تقدما ونسبة التعليم كانت مرتفعة بين سكانها، أما المناطق القبلية المحيطة بها حضرموت وشبوة وأبين وغيرها لم تختلف كثيرا عن المناطق الشمالية لليمن، فحاول الإنجليز عقد صداقات مع سلاطين القبائل المحيطة بعدن إلا أن الأهالي تأثروا بخطابات الرئيس المصري جمال عبد الناصر والأغاني الثورية الصادرة عن إذاعة القاهرة.
وفي تلك الفترة كان لسياسات الإنجليز التعسفية والمتجاهلة لمطالب العرب في عدن دور رئيس في تنامي تلك المشاعر وكان لوجود هيئات مجتمع مدني أثر كبير على المطالبين بإسقاط حكم الإمامة في شمال البلاد، فتزايدت أعداد النازحين من الشمال مما سبب قلقا للمستعمر البريطاني.
وفي تلك الأثناء ظهرت حركات مقاومة مثل جبهة التحرير القومية وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل المختلفة في التوجهات عن السابقة وأعلنت حالة الطوارئ في عدن (بالإنجليزية: Aden Emergency) في 10 ديسمبر 1963 عندما ألقى عناصر من جبهة التحرير القومية قنبلة استهدفت المندوب البريطاني السامي.
واستمرت هجمات الفصائل حتى إنسحبت القوات البريطانية عن عدن في 30 نوفمبر 1967 قبل الموعد المقرر من قبل رئيس الوزراء البريطاني هارولد ويلسون وقامت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.