كيف تنبأت رواية السنوار "الشوك والقرنفل" بمصيره؟

الشوك والقرنفل
الشوك والقرنفل

الشوك والقرنفل.. لم تكن رواية أدبية ولا كتيبا سياسيا ولكنها كانت محاولة لخلطهما معًا في سياق درامي أدبي المظهر سياسي الجوهر.

 

هذه قراءة عامة لرواية "الشوك والقرنفل" ليحيى السنوار زعيم حركة حماس الذي قتلته القوات الإسرائيلية صدفة في رفح، الأربعاء الماضي وأعلنت الخبر الخميس، في مفاجأة قد تغير مسارات سياسية وعسكرية مرتبطة بالحربين في غزة ولبنان.

 


الرواية تثير تساؤلات عميقة حول ما إذا كانت تُعتبر عملا أدبيا بحتا أم مجرد قناع أدبي يخفي خلفه المعارك السياسية والعسكرية التي كان يخطط لها.

 

وعلى الرغم من أن السنوار صرح بأن الرواية التي كتبها خلال احتجازه بالسجون الإسرائيلية التي امتدت لعشرين عاما، ليست قصة حياته وليست قصة شخص بعينه، فإن معظم أحداثها حقيقية، ونجد أن الكاتب لا يبتعد كثيرا عن شخصيته.


"الشوك والقرنفل" متأثرة بالأحداث السياسية المعقدة والنزاع المستمر في قطاع غزة، على الرغم من أن الرواية تعرض بشكل واضح الصراع والتحديات التي تواجهها الأسرة الفلسطينية، خاصة الصراع السياسي والأيديولوجي بين فتح وحماس، الذي يعد أيضا محورا رئيسيا نال قسطا كبيرا من التركيز عليه عبر تشويه صورة فتح والسلطة الفلسطينية، حتى تكاد تكون قد اقتربت من وصفها غير المباشر بالعمالة في بعض الأحيان، عبر الإشارة للتعذيب في سجون السلطة الفلسطينية.

 

وتحكي الرواية قصة أسرة فلسطينية تقيم في مخيم الشاطئ شمال قطاع غزة، بعد أن هُجر الجد إليها من قرية الفالوجة بعد أن احتلّتها المليشيات الإسرائيلية عام 1948.

 

وتستعرض الرواية على لسان أحمد، الحفيد الأصغر لهذا الجد، حياة الأحفاد الذين ولدوا وشبّوا في مخيمات غزة للاجئين عقب النكسة، بعد اختفاء الأب والعم بانضمامهما إلى فصائل مختلفة للمقاومة الفلسطينية.

 

وترعى الأم المكافحة الأبناء وحدها في ظروف شديدة القسوة، على خلفية الأحداث السياسية التي مرت عليهم خلال سبعٍ وثلاثين سنةً وشكّلت توجّهاتِ الأبناء، ما بين الابن الأكبر الذي انضم لحركة فتح كما كان حال هذا الجيل، وأشقائه الأصغر الذين شبّوا في نهاية سبعينيات القرن الماضي على أجواء انتشار التيار الإسلامي الذي سرعان ما انضموا إليه، ومن ثم إلى المقاومة والانتفاضة الفلسطينية، حسب وصف الرواية.

 

في الرواية شخصيتان أساسيتان، الأخ الأكبر محمود عضو حركة فتح الذي يدافع عن المقاومة من خلال السياسة، وابن العم إبراهيم، الذي يتبنّى خيار المقاومة بلا هوادة، واستمرار العمليات المسلحة حتى تحقيق النصر على كامل تراب فلسطين، ويستعين بالعقيدة كمحفّز وأساس أفعاله مهما كانت النتائج، وفي إشارة واضحة للحسابات الخاطئة لمهندس طوفان حماس، التي "ساعدت إسرائيل أكثر مما أضرتها"، وفق مراقبين.

 

ويسرد السنوار الأحداث في روايته ملتزمًا التسلسلَ الزمنيَّ منذ أن احتلّت إسرائيلُ الأراضيَ الفلسطينيةَ في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة في حرب 1967، ويتوقف عند السنوات الأولى للانتفاضة الثانية في عام 2004.

 

ويحرص في صفحات روايته الطويلة وفصولها الثلاثين على التذكير المستمر بأعمال "المقاومة"، مسجلًا ارتباطها التاريخي بالقضية الفلسطينية منذ بدايتها، حتى إن أقحمها تكرارًا في سياق قصته، حيث نراه أحيانًا يتخلى عن السرد الروائي ليعكف على توثيق المحطات المهمة فلسطينيًا على مدار أربعة عقود منذ عام 1967.

 

السنوار استخدم الرمزية بكثافة في روايته، ما قد يؤدي إلى تغييب العمق الواقعي للشخصيات، الأسرة، كرمز لفلسطين، تتحول إلى واجهة للأيديولوجيات بدلًا من كونها كيانات معقدة ومتعددة الأبعاد.

 

هذه الطريقة في التعامل مع الشخصيات تقلل من قدرة الرواية على استكشاف التحديات النفسية والعاطفية التي يواجهها الأفراد الحقيقيون في مثل هذه الظروف.

 

والرواية تتخذ موقفا سياسيا واضحا، وهو أمر متوقع ومبرر في الأدب الذي يتناول الصراعات، ومع ذلك يمكن القول إن السنوار قد يكون قد أخل بالتوازن بين الرواية الفنية والبيان السياسي.

 

وفي بعض الأحيان تظهر الرواية كمنبر للدعاية أكثر منها عملا أدبيا يستكشف الصراع الإنساني، مما يؤثر على مصداقية السرد ويقلل من تعاطف القارئ.

 

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1