استحقاقات ما بعد الحرب ومستقبل قطاع غزة
مع انطلاق تطبيق اتفاق غزة، تبرز أسئلة كبرى بشأن استحقاقات ما بعد الحرب، من إعادة الإعمار إلى الحكم الداخلي ومستقبل الدولة الفلسطينية بشكل عام.
قطاع غزّة هو المنطقة الجنوبية من السهل الساحلي الفلسطيني على البحر المتوسط؛ على شكل شريط ضيّق شمال شرق شبه جزيرة سيناء، وهي إحدى منطقتين معزولتين (الأخرى هي الضفة الغربية) داخل حدود فلسطين الإنتدابية لم تسيطر عليها القوات الإسرائيلية في حرب 1948، ولم تصبح ضمن حدود دولة إسرائيل الوليدة آنذاك.
سُمّي بقطاع غزة نسبةً لأكبر مدنه وهي غزة. تحد إسرائيل قطاع غزة شمالًا وشرقًا، بينما تحده مصر من الجنوب الغربي. وهو يشكل جزءا من الأراضي التي تسعى السلطة الفلسطينية لإنشاء دولة ضمن حدودها عبر التفاوض منذ ما يزيد على 30 عامًا في إطار حل الدولتين.
في حرب 1967 احتلت إسرائيل قطاع غزة وكذلك الضفة الغربية أي كل مساحة الدولة الفلسطينية المفترضة بموجب قرار مجلس الدولي 181.
فرضت حركة حماس سلطتها على قطاع غزة بعد فوزها في انتخابات جرت في القطاع عام 2006، بعد صراع مع الفصائل الفلسطينية وخاصة المنضوية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، وهي السلطة المعترف بها عربيا ودوليا.
وعلى الرغم من أن إسرائيل سحبت قواتها العسكرية من جانب واحد وفككت مستوطناتها الإسرائيلية في غزة في عام 2005 (ولا تعتبر المنطقة خاضعة للاحتلال العسكري)، إلا أن الأمم المتحدة واصلت اعتبارها محتلة، حيث يسيطر الجيش الإسرائيلي على حدود غزة ومجالها الجوي ومنافذها البحرية.
ومنذ ذلك الانسحاب وهي تنفذ عمليات عسكرية في القطاع من حين لآخر، ردا على ما تعتبره "تهديدات حماس لأمن إسرائيل"، بعضها تحول إلى حروب استمرت أسابيع وأشهر وأكثر من سنة كما كان في الحرب الأخيرة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 (طوفان الاقصى) وخلفت آلاف الشهداء والجرحى ودمار هائل.
كانت الحرب الأخيرة هي الاكثر دموية ودمارا على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة...وتعرضت حماس لخسائر فادحة في القيادات والمحاربين.
من منظور السلطة الفلسطينية فإن حماس ليست الخيار الأمثل لإدارة القطاع حاليًا، لكنها لا تزال جزءًا أساسيًا من المشهد الداخلي الفلسطيني. الحركة تواجه تحديات كبيرة لإعادة التموضع، والوضع الحالي يتطلب خطابًا سياسيًا جديدًا ومرونة...أقرب إلى سيناريو "جبهة تحرير الشام" بعد انهيار نظام الأسد.
في حين أن حماس تعتبر الاتفاق انتصارًا معنويًا، ترى إسرائيل أنه لا يعدو كونه ترتيبات أمنية مؤقتة.
الخطط الإسرائيلية تتكشف ليس فقط تجاه قطاع غزة التي تخطط لابقاء مساحة منه تصل إلى 20% تحت السيطرة الإسرائيلة، بل حتى في الضفة الغربية إبقاء (يهودا والسامرة) تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة".
أما الموقف العربي تكاد تجمع الدول العربية المعنية والمهمة على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية وفقا لحدود الرابع من يونيو 1967م.
الأهم اليوم من كل ذلك وجود مشروع فلسطيني يعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني ويكسب ثقة المجتمع الدولي ودعمه للدولة الفلسطينية كدولة وليس من زاوية المساعدات الإنسانية فقط.