الرياض قلب الزخم الدبلوماسي الدولي

المكالمة الهاتفية الأسبوع الماضي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين شكلت نقطة تحول تاريخية في العلاقات بين الدولتين العظميين بعد توتر متتامي بينهما في عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، وانفراجة هائلة في الوضع الدولي برمته.
تلى هذه الخطوة المهمة خطوة أهم هي احتضان الرياض يوم امس الثلاثاء اجتماعا على مستوى وزيري خارجية البلدين يهدف إلى إصلاح العلاقات المتوترة بين واشنطن وموسكو، والتباحث بشأن سبل وقف الحرب في أوكرانيا، من خلال استضافتها لهذا الاجتماع غير المسبوق، تجد المملكة نفسها في قلب نشاط دبلوماسي عالمي يعزز مكانتها ويمنحها زخما دبلوماسيا قويا.
استفادت السعودية من التزامها الحياد إزاء الحرب في أوكرانيا المتواصلة منذ نحو ثلاث سنوات.
المملكة حققت نجاحا كبيرا بقدرتها جمع قوتين عظيمتين في الرياض لتسوية خلافاتهما وحل نزاع طويل الأمد، مستخدمة المملكة بذلك قوتها الناعمة.
السعودية كما هو معروف حليف تاريخي للولايات المتحدة في المنطقة، وفي نفس الوقت تحتفظ بعلاقات تحالفية مع روسيا وخاصة فيما يتصل بالسياسة النفطية، سيما وأنها أكبر مصدر للنفط الخام في العالم...فيما تمتلك روسيا أكبر احتياطي للنفط والغاز في العالم.
قدمت المملكة نفسها منذ بداية الحرب في أوكرانيا وسيطا محتملا بين روسيا واوكرانيا، واحتفظت مع كل منهما بتواصل مستمر، ودعت الرئيس الاوكراني إلى حضور القمة العربية في جدة مايو 2023.
السياسة المتوازنة للمملكة مع كل من أمريكا وروسيا ومع الصين ايضا رشحتها لان يكون لها دورا نوعيا في حل الخلافات الأعقد على المستوى الدولي والاقليمي.
والحق يقال أن العلاقات الشخصية لولي العهد الامير محمد بن سلمان مع كل من الرئيسين بوتين وترامب كان لها دورا مهما في توظيف الحضور السعودي الدبلوماسي والاقتصادي لصالح المملكة ولصالح الاستقرار الإقليمي والدولي.
الخلاصة إن موافقة الولايات المتحدة وروسيا على مبدأ انعقاد القمة المرتقبة بينهما في الرياض يُرسخ واقعًا جديدًا في الساحة الدولية، عنوانه أن المملكة أصبحت نقطة التحول الأساسية في جهود تحقيق السلام العالمي، مستمدة قوتها من علاقاتها المتوازنة مع كافة الأطراف ورؤيتها الدبلوماسية الناضجة التي تتجلى في السعي الدؤوب نحو تحقيق المصالح المشتركة، مبتعدةً بذلك عن أي شكل من أشكال الانحياز.