بعد سيطرة طالبان.. أفغانستان قد تقترب من شبح المجاعة
تسبب سيطرة حركة طالبان على كافة الأوضاع في أفغانستان في مأساة إنسانية، قد يعاني منها المجتمع الأفغاني كله، بسبب شبح المجاعة الذي يخيم على الأوضاع في ظل حالة التردي الإقتصادي الكبير وإرتفاع نسبة التضخم، وإنهيار العملة الأفعانية، فضلًا عن عدم قدرة حركة طالبان الوفاء بأي إلتزامات دولية في ظل عدم ورود إعتراف دولي بحكم الحركة في أفغانستان.
ومن جانبه دق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ناقوس الخطر، محذرا من المزيد من التدهور في البلاد، مشيرًا إلى أن "المسؤولية الأخلاقية تحتم علينا عدم التخلي عن شعب أفغانستان، الذي هو في أمس الحاجة إلى السلام والأمل والمساعدة"، مشيرا إلى أن أكثر من نصف سكان البلاد يواجهون مستويات شديدة من الجوع.
وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول أفغانستان، قال غوتيريش إن المجتمع الدولي "بحاجة إلى العمل لمنع مزيد من تدهور الوضع في أفغانستان".
هلاك بعد 6 شهور
وأشار المسؤول الأممي إلى أن أفغانستان "أصبحت على شفير الهلاك بعد 6 أشهر من وصول طالبان إلى السلطة"، مضيفا أن الحياة اليومية للأفغان "باتت جحيما متجمدا بسبب الشتاء القاسي، حيث يحرق الناس ممتلكاتهم للتدفئة، فيما تعاني المستشفيات من الاكتظاظ ونقص الموارد".
وأوضح أن الناس يعانون من الأمراض الفتاكة التي يمكن الوقاية منها مثل الحصبة والإسهال وحتى شلل الأطفال، مشيرا إلى أن الملايين من الأطفال وخاصة الفتيات خارج فصول الدراسة، و70 في المئة من المعلمين لا يتقاضون رواتبهم، ودعا للموافقة على جميع المعاملات المالية اللازمة لتنفيذ الأنشطة الإنسانية والإغاثية في البلاد بأسرع وقت.
ويرى مراقبون أن من أسباب تفاقم الأزمة في أفغانستان، وقف الدعم الدولي بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد في شهر أغسطس من العام الماضي، وسط معلومات عن أن قرابة 10 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني مجمدة في الخارج.
وللحديث عن تفاصيل الأزمة الإنسانية الأفغانية عن كثب ومن الداخل، يقول عبد الباري لغماني، وهو اسم مستعار لكاتب وصحفي أفغاني، لاعتبارات أمنية: "مع الأسف الأوضاع المعيشية تزداد سوءا وترديا يوما بعد يوم، حيث ترتفع معدلات الفقر والمجاعة والجفاف وتصل لمستويات قياسية مخيفة، فنصف سكان أفغانستان هم الآن على شفا المجاعة، بل ويعانون من الجوع فعلا، فضلا عن أن مختلف التحديات الأمنية والسياسية تتضافر مفاعيلها لتنعكس كارثيا على حيوات الناس وواقعهم المعيشي المزري".
الشتاء القارس
وأضاف الصحفي والمحلل الأفغاني: "ما زاد الطين بلة هو أن البلاد تمر هذا العام بشتاء قاس للغاية وسط تساقط كثيف للثلوج، ما زاد الوضع الإنساني كارثية وتدهورا، حيث يعيش الكثير من المواطنين في مخيمات ومراكز إيواء، من القادمين من مختلف المقاطعات والولايات للعاصمة كابول، لدرجة أن بعض الأسر والعائلات الأفغانية، بدأت تبيع أطفالها من أجل الحصول على الطعام، ولعجزها عن إعالتهم وتأمين أبسط حاجاتهم المعيشية من حليب وطعام وشراب".
كذلك لفت لغماني إلى "الارتفاع المهول في معدلات البطالة وانعدام فرص العمل نتيجة الأزمة السياسية والاقتصادية الحادة، والغلاء والارتفاع الكبير في أسعار السلع والمواد الغذائية بما فيها الأساسية منها، وهذا كله بطبيعة الحال ينعكس ارتفاعا حادا في نسب الفقر ومعدلاته في البلاد".
وكانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قد حذرت من أن أكثر من نصف عدد سكان أفغانستان يواجهون مستويات شديدة من الجوع، مؤكدة أن قرابة 10 ملايين أفغاني هم على حافة المجاعة.
وأطلقت المنظمة الأممية مع مطلع العام الجاري، خطة استجابة إنسانية بقيمة 5 مليارات دولار أميركي في أفغانستان، كأكبر نداء إنساني لمساعدة دولة واحدة، لإغاثة ما يزيد على 22 مليون أفغاني داخل البلاد، ودعم نحو 6 ملايين من اللاجئين والنازحين الأفغان في دول الجوار.