في ظل الصراع... هل العودة لاتفاقية “مينسك” سيكون حجر الزاوية لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا؟
عادت الاتفاقية التي أدخل عليها تحسينات بعد فشلها في احتواء الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، من جديد وللمرة الثالثة لتكون أساسا لوأد الصراع.
يأتي هذا على خلفية مخاوف من غزو روسيا لأوكرانيا إثر حشدها أكثر من 100 ألف جندي على حدود كييف فيما تنفي موسكو نيتها القيام بذلك.
فمع احتدام التوترات بين روسيا وأوكرانيا، تطل اتفاقيتات مينسك إلى الواجهة، لتكون بمثابة "حجر الزاوية" الذي تبنى عليه تجاوز الأزمة.
مينسك.. هي اتفاقية لوقف النزاع في شرق أوكرانيا بين الحكومة والانفصاليين في الأقاليم المتاخمة للحدود الروسية المدعومين من موسكو، وجاءت على وقع محاولة الانفصاليين بشرق أوكرانيا، الاستقلال والانضمام إلى روسيا التي ضمت جزيرة القرم عام 2014.
وتم توقيع ما يطلق عليه اتفاقية مينسك الأولى في 5 سبتمبر 2014، بمشاركة ممثلين من أوكرانيا، وروسيا، وجمهورية دونيتسك الشعبية، وجمهورية لوغانسك الشعبية، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بعد محادثات مكثفة في مينسك ببيلاروسيا، تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون.
وينص اتفاق مينسك على وقف الأعمال العسكرية بين الانفصاليين والجيش الأوكراني وتنفيذ خارطة طريق تقضي بإيجاد حل سياسي للنزاع في شرق أوكرانيا.
ولم يفلح الاتفاق في تنفيذ وقف كامل لإطلاق النار في شرق أوكرانيا، وعلى إثر ذلك اجتمع قادة أوكرانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا، في فبراير2015 في نورماندي غربي فرنسا، واتخذوا سلسلة إجراءات لإنهاء الحرب بشرق أوكرانيا، فيما أطلق عليه اتفاق "مينسك 2".
ووقع على الاتفاق الأول في 2014 الدبلوماسية السويسرية وممثلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هايدي تاجليافيني، والرئيس السابق لأوكرانيا والممثل الأوكراني ليونيد كوتشما، وسفير روسيا في أوكرانيا والمندوب الروسي ميخائيل زورابوف، والمتمردان ألكسندر زاخارتشينكو وإيجور بلوتنيتسكي.
فيما انضم للتوقيع على اتفاقية "مينسك 2" في فبراير2015، إلى جانب تلك الأطراف، زعماء فرنسا وألمانيا.
ورغم انهيار هذا الاتفاق وفشله في وقف القتال بشكل دائم، لكنه يظل الأساس لأي حل مستقبلي للنزاع، حسب ما تم الاتفاق عليه في اجتماع نورماندي.
كما وجه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا رسالة للمواطنين مفادها ضرورة تجاهل "التوقعات المفزعة" عن غزو روسي وشيك.
وقال كوليبا على تويتر: أوكرانيا تحظى بجيش قوي، ودعم دولي غير مسبوق، وإيمان الأوكرانيين ببلادهم... يجب على العدو أن يخشانا، لا أن نخشاه".
وأضاف وزير الخارجية الأوكراني قائلا: إن بلاده قوية وتحظى بدعم دولي غير مسبوق.
وأشار إلى أن العواصم المختلفة لديها سيناريوهات مختلفة، لكن أوكرانيا مستعدة لأي تطور.
واعتبرت الرئاسة الأوكرانية، أن فرص إيجاد "حل دبلوماسي" للأزمة مع روسيا "أكبر بكثير" من "التصعيد" العسكري.
وقال ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني: "فرص إيجاد حل دبلوماسي لخفض التصعيد أكبر بكثير من التهديد بتصعيد جديد".
جاء ذلك بعد تحذيرات الاستخبارات الأمريكية التي أكدت أن موسكو كثفت استعداداتها لغزو أوكرانيا على نطاق واسع.
وفي وقت يشعر الغربيون بقلق حيال إمكان غزو أوكرانيا، تنفي روسيا أي نية لها من هذا القبيل وتقول إن حلف شمال الأطلسي يهدّد أمنها وتطالب بإنهاء توسّع الحلف وبانسحاب قوّاته من أوروبا الشرقيّة.
وتطرّق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل صريح في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، إلى احتمال "احتلال" خاركيف في حال تواصل "التصعيد" من جانب الروس".
وقال: سيفعلون ذلك في أراض يقطنها تاريخيا أناس لديهم روابط أسرية مع روسيا.
وتعتقد الاستخبارات الأمريكية أن روسيا تكثف استعداداتها لغزو واسع النطاق لأوكرانيا بعد أصبح لديها "بالفعل 70% من القوة اللازمة لتنفيذ عملية كهذه".
وحشدت موسكو 110 آلاف جندي على حدود أوكرانيا، ويمكن أن تكون لديها القدرة الكافية لشن هجوم في غضون أسبوعين، وفقا لهؤلاء المسؤولين الذين أبلَغوا بذلك الأعضاء المنتخبين في الكونجرس الأمريكي والشركاء الأوروبيين للولايات المتحدة خلال الأيام الأخيرة.
كما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء إلى حوار "حازم" مع روسيا لحلّ الأزمة الأوكرانية.
جاء ذلك خلال محادثات أجراها مع نظيريه الألماني والبولندي في برلين.
وقال ماكرون للصحفيين في ختام يومين زار خلالهما إضافة إلى برلين كلا من كييف وموسكو:"علينا إيجاد طرق ووسائل معًا للانخراط في حوار حازم مع روسيا".
وشدد على أن هذا هو المسار الوحيد لتحقيق السلام في أوكرانيا.
بدوره، أكّد المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثاء أنّ برلين "موّحدة" مع باريس ووارسو حول هدف المحافظة على السلام في أوروبا.
وقال شولتس للصحفيين: "نحن موحّدون حول هدف المحافظة على السلام في أوروبا عبر الدبلوماسية والرسائل الواضحة والرغبة المشتركة في التحرّك معًا".
من جانبه، قال الرئيس البولندي أندريه دودا "علينا إيجاد حلّ لتجنّب اندلاع حرب. كما سبق أن قلت، هذه مهمتنا الرئيسية. أعتقد أنّنا سنحقّقها".
وأكد الرئيس البولندي أنّ تجنّب حرب في أوروبا أمر ممكن.
يذكر أن روسيا قد ضمّت شبه جزيرة القرم في أوكرانيا بعد أن سيطرت عليها العام 2014. ومنذ تلك السنة، يتواجه انفصاليون مدعومون من موسكو مع الجيش الأوكراني في شرق البلاد، رغم توقيع اتفاقات مينسك لوقف القتال.