خبراء يكشفون أن الأزمة الأوكرانية تلقي بظلالها على الاقتصاد الألماني
يرى خبراء اقتصاد من مؤسسات مالية واقتصادية ألمانية رائدة زيادة خطر التضخم الدائم بسبب الأزمة الأوكرانية.
وقالت الخبيرة الاقتصادية فيرونيكا جريم: "زاد خطر دوامة الأجور والأسعار بشكل كبير"، وقال مارك شاتنبرغ، الخبير لدى مؤسسة "دويتشه بنك ريسيرش": "يزداد احتمال أن نشهد دوامة الأسعار-الأجور على المدى المتوسط".
وقالت فريتسي كولر-جايب، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك التنمية الألماني "كيه إف دابليو"، المملوك للدولة: "التضخم يمكن أن يستمر في الارتفاع أو يثبت مؤقتًا على الأقل"، موضحة أن العواقب الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا ستكون فادحة في كافة الأحوال بالنسبة لألمانيا.
وتبنت كاتارينا أوترمول، الخبيرة لدى مجموعة "أليانز" الألمانية للتأمين وجهة نظر مماثلة، حيث قالت: "الاقتصاد الألماني يواجه أوقاتًا صعبة، تُظهر المؤشرات المبكرة المتراجعة أن الغزو الروسي لأوكرانيا بمثابة إعلان عن مرحلة مفصلية في الاقتصاد".
وتتوقع أوترمول نموًا اقتصاديًا في ألمانيا هذا العام بنسبة 1.8% فقط، مع تضخم يبلغ معدله 6% في المتوسط هذا العام، وبالنسبة للتضخم يتمثل هدف البنك المركزي الأوروبي في إبقائه في نطاق 2%، ومع ذلك، أكدت أوترمول أنه لا توجد حاليًا مؤشرات قاطعة على إجراء اتفاقيات مرتفعة للأجور، وقالت: "في ضوء حالة عدم اليقين الاقتصادي المتزايدة بشكل كبير، أفترض أيضًا أن النقابات ستقلص جزئيًا مطالبها المتعلقة بالأجور"، موضحة أن هذا وارد أيضًا لأن الدولة تخفف الأعباء عن الأسر.
ويخشى شاتنبرغ أيضًا تداعيات ذلك على سوق العمل، وقال: "من الممكن أن يتباطأ التعافي في سوق العمل على المدى القصير أو حتى يتوقف"، مشيرًا في المقابل إلى أنه من المتوقع في مارس(أذار) الجاري تسجيل انخفاض جديد في معدل البطالة.
ومن المقرر أن تعلن الوكالة الاتحادية للتوظيف إحصائياتها لشهر مارس(أذار) الجاري الخميس المقبل، ولا يزال شاتنبرغ متفائلًا نسبيًا بشأن النمو الاقتصادي، حيث قال: "لقد عدلنا توقعاتنا للنمو بشكل كبير نزولًا"، مضيفًا في المقابل أنه لا يزال يتوقع نموًا بنسبة 2.7% إذا لم يكن هناك توقف لإمدادات الغاز من روسيا.
وبحسب فيرونيكا جريم، سيتعين على الألمان التكيف مع الأسعار المرتفعة على المدى الطويل، وقالت: "حتى لو لم يحدث توقف في الواردات (الروسية)، فإن الغاز من الموردين الآخرين سيكون أكثر تكلفة"، مضيفة أنه من المهم الآن التوسع سريعًا في الطاقة المتجددة، وقالت: "علينا نبذل كل ما في وسعنا"، موضحة في المقابل أنه لا يمكن تحقيق هذا التعويض قبل فترة تترواح بين 3 و5 أعوام.
وأشارت جريم إلى أن المشكلة تتفاقم مع ارتفاع أسعار الأسمدة والأغذية، وقالت: "سيؤدي ذلك إلى أزمة جوع ستؤثر بشكل أساسي على البلدان الصاعدة والنامية"، موضحة أن روسيا وأوكرانيا تمتلكان 14% من إنتاج القمح العالمي وحصة كبيرة بشكل عام من الصادرات الزراعية العالمية، وقالت: "ستكون هذه ثالث ازمة كبرى خلال العقد"، مشيرة في المقابل إلى أن البلدان الصناعية سيكون بمقدورها دفع أسعار أعلى، موضحة أنه سيكون من الصعب على البنك المركزي الأوروبي من ناحية السياسة النقدية التوفيق بين النمو المنخفض المتوقع وارتفاع الأسعار المستمر.
وحال توقف واردات الطاقة الروسية، ترى كولر-جايب خطر حدوث ركود، على الأقل في القطاع الصناعي، وقالت: "دون دعم الدولة من خلال تمويل نظام العمل بدوام مختصر، من المتوقع عندئذ حدوث انخفاض كبير في التوظيف بالقطاعات كثيفة الاستخدام للطاقة"، موضحة أن هذا قد يؤدي إلى توقف ارتفاع التوظيف مؤقتا بالنسبة للاقتصاد بأكمله.
وقالت كولر-جايب: "إذا لم تتوقف الواردات، فمن المحتمل حدوث انتعاش اقتصادي ضعيف اعتبارًا من الربيع"، مشيرة في الوقت نفسه إلى مخاطر جائحة كورونا، وأوضحت أنه ليس من المستبعد حدوث ارتفاعات سريعة مجددًا في الإصابات وزيادة الكثافة في المستشفيات وزيادة الوفيات الناجمة عن الإصابة بمتحور كورونا "أوميكرون" أو أي طفرات فيروسية جديدة، ولذلك طالبت بتوخي الحذر خلال تخفيف المزيد من القيود المتعلقة بالحماية من العدوى.