عودة الحياة.. المجلس الانتقالي الجنوبي يعيد بهجة رمضان إلى الجنوب
لعقودٍ اعتاد اليمنيون على تأجيل أنشطتهم الحياتية في رمضان وقضائها في الليل، وأبقوا النهار ملاذًا للراحة والنوم، وظلت هذه الثقافة باقية على ما هي عليه حتى أجلٍ قريب، ثم طغت العديدُ من المتغيرات لأسبابٍ متعلقة بالنزاع الدائر في البلاد منذ سبعة أعوام، حتى أضحت عديدٌ من المدن التي كانت تضج بالحياة في ليالي رمضان تغرق في سكون عميق، في مقابل مدنٌ أخرى لا تزال تحافظ على الحياة الزاخرة في الليالي الرمضانية.
إلى ساعات الفجر الأولى، تبقى مدينة عدن في حالة استيقاض، شوارعها لا تهدأ من كثافة حركة السير، بخلاف النهار الذي تدخل فيه المدينة حالة سكون عدى عن دوريات الشرطة التي تظل طوال النهار تمشط أحياء وشوارع المدينة، وفي الغالب يتدفق الناس ليلا إلى أسواق المدينة لقضاء حاجياتهم، في حين تنتعش الزيارات العائلية وتتزايد الفعاليات الترفيهية والمسابقات التي تقام في الحدائق والمتنزهات، وهو ما يجعل ليالي المدينة منتعشة بالحياة والحركة.
عودة الطقوس الرمضانية
نفسه النمط الحياتي يُشاهد في محافظات حضرموت ولحج والضالع، ومدينة المخا على الساحل الغربي، إذ تبقى طقوس الحياة الرمضانية ماثلةً طوال الليل في هذه المدن التي لجأ إليها الكثير من اليمنيين من أجل الاستقرار ومزاولة الأعمال أو إنشاء المشاريع التجارية، مُستفيدين من حالة الاستباب الأمني في هذه المناطق التي طُرد منها الحوثيون قبل سنوات من خلال حركات المقاومة المسلحة.
ما يُلهم السكان في مدينة عدن ويهمهم في الوقت ذاته، هو بقاء المدينة في منأى عن سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران، ذاك مكسب ينظرون إليه على أنه أتاح لهم ممارسة طقوس حياتهم بشكل طبيعي بعيدا عن أية تدخلات نمطية تلغي قواعد الحياة وتستبدلها بأخرى، فكما كانت عدن في الماضي هي كذلك اليوم تكرس ذات الثقافة الرمضانية في الليالي والأمسيات دون عراقيل.
مناطق سيطرة الحوثيين
عند النظر بتمعن، يبدو جليا أن الحال مختلف تماما في مناطق سيطرة جماعة الحوثي التي ألغت معظم هذه الطقوس وفرضت اجراءات تعسفية قوّضت صور الحياة المتنوعة في تلك المناطق مثل صنعاء؛ لكن مدنًا مثل المخا وعدن أصبحتا في معزل آمن عن خطر الحوثيين، وتتمتعان حاليًا بوضع أمني أكثر استقرار من المناطق الأخرى في عموم اليمن.
حاليًا، أضحى الناس في اليمن يقيسون هذه المفارقات بحالة عجيبة من الاستغراب من حجم التغيرات التي ما كانت معهودة ولا متوقعة من قبل، فكيف مثلا لمدينة المخا أن تصبح وجهةً للآلاف رغم أنها مدينة ناشئة وغير مهيأة في بنيتها التحتية كما هي صنعاء، إلا أن الأخيرة تحوّلت إلى بيئة طاردة بينما المخا عكس ذلك، مدينة يؤمها الناس من كل المحافظات، وهذا بطبيعة الحال هو ما يفسر تلهف الناس لمساحة كافية من الحرية في الحياة والأمن معًا.
الخلاصة:
في السابق، وربما إلى الآن، واجه المجلس الانتقالي الجنوبي تحديات أمنية متراكمة في مدينة عدن التي شكلت محطة اختبار للقوات الأمنية التابعة له؛ لكنه على ما يبدو استطاع التغلب على الكثير من هذه التحديات، وتفوقت القوات الأمنية في هذه المحافظة في خلق ظروف أمنية مواتية مكنت سكان المدينة والنازحين فيها من إحياء طقوسهم الرمضانية ليلا دون وجل.