باحثون: الأمومة وانقطاع الطمث يحملان أدلة على خطر إصابة النساء بالخرف
كشفت دراسة جديدة أن أحداث الحياة التي تؤثر على مستويات هرمون الإستروجين الأنثوي قد تكون مرتبطة بخطر إصابة المرأة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.
ووجد الباحثون أن بعض الأحداث، مثل البدء المبكر أو المتأخر للحيض وانقطاع الطمث المبكر واستئصال الرحم، ارتبطت بارتفاع مخاطر الإصابة بالخرف أثناء الحمل أو الإجهاض، وانقطاع الطمث المتأخر كان مرتبطا بخطر أقل.
لكن الإنجاب لم يكن من بين هذه العوامل، مع وجود علاقة مماثلة لوحظت بين عدد الأطفال وخطر الإصابة بالخرف لدى الرجال والنساء.
ويقول الباحثون إن الأمومة وانقطاع الطمث المتأخر يمكن أن يقلل من خطر إصابة النساء بالخرف.
ويتحول الخرف بسرعة إلى وباء عالمي، ويؤثر حاليا على ما يقدر بنحو 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا ثلاث مرات بحلول عام 2050، مدفوعا بشكل أساسي بشيخوخة السكان. ومن المعروف أن معدلات الخرف والوفيات المرتبطة به أعلى لدى النساء منها عند الرجال.
وأجريت الدراسة على أكثر من نصف مليون شخص، ووجدت أن النساء اللاتي ليس لديهن أطفال هن أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 18% مقارنة بالأمهات اللاتي يكون لديهن طفلان.
كما تزداد احتمالية الإصابة بالخرف بنسبة 32% لدى النساء اللائي يدخلن سن اليأس بشكل طبيعي في عمر 47 عاما، مقارنة بالنساء اللاتي تشهدن انقطاع الطمث في سن الخمسين.
ويمكن أن يساعد الحمل والإنجاب قبل انقطاع الطمث بسنوات على درء الخرف من خلال تعريض النساء لمزيد من هرمون الإستروجين خلال حيواتهن.
ويمكن أن يساعد الهرمون، عند المستوى الصحيح في الجسم، في حماية الدماغ، وهذا قد يفسر اكتشافا إضافيا مفاده أن النساء أقل عرضة بنسبة 20% للإصابة بالخرف إذا سبق لهن تناول حبوب منع الحمل.
ويشار إلى أن حبوب منع الحمل، التي تغير مستويات الهرمون، قد تكون مفيدة أيضا للدماغ.
ودرس الباحثون نحو 273 ألف امرأة و229 ألف رجل تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عاما، من المملكة المتحدة، والذين تمت متابعتهم لمدة 12 عاما تقريبا في المتوسط لمعرفة ما إذا كانوا قد أصيبوا بالخرف.
وتهدف الدراسة إلى النظر على وجه التحديد في النساء، اللائي من المرجح أن يصبن بالخرف أكثر من الرجال ويشكلن ثلثي وفيات الخرف.
ونظر الباحثون في دور "العوامل الإنجابية" مثل العمر عندما بدأن سن اليأس، أو إنجاب طفل أو سن البلوغ.
وقالت جيسيكا غونغ، التي قادت الدراسة من معهد جورج للصحة العالمية في أستراليا: "بينما يزداد خطر الإصابة بالخرف مع تقدم العمر، لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت المعدلات الأعلى التي لوحظت لدى النساء ترجع ببساطة إلى أنهن يعشن لفترة أطول. لكن من المحتمل أن العوامل الإنجابية الخاصة بالمرأة قد تكون قادرة على تفسير بعض الفروق بين الجنسين".
ووقع ربط بداية سن البلوغ في وقت مبكر من الحياة بانخفاض خطر الإصابة بالخرف في نتائج الدراسة.
وكانت النساء اللائي أبلغن عن بدء دورة الحيض الأولى بعد سن 14 عاما، مقارنة بالنساء اللائي بلغن في سن 13 عاما، أكثر عرضة للإصابة بالخرف بمقدار الخمس تقريبا. وقد يكون ذلك بسبب هرمون الإستروجين اللازم لإنتاج بويضة كل شهر بعد البلوغ.
وقد يعني بدء الدورة الشهرية في وقت مبكر عمرا أطول من التعرض للإستروجين، مع تأثيره المفيد المحتمل على الدماغ.
ومن المحتمل أيضا أن يكون هذا هو السبب في أن النساء اللواتي مررن بسن اليأس، في سن 47، كن أكثر عرضة للإصابة بالخرف من أولئك اللائي دخلن سن اليأس في سن الخمسين.
وفي المتوسط، تمر النساء بسن اليأس بين سن 45 و55 عاما، وبعد ذلك كل عام، قد تضطر إلى زيادة هرمون الإستروجين لحماية الدماغ.
ومن بين المشاركين الذين تم تحليل بياناتهم من قبل الباحثين، والذين كانوا جزءا من دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة، أصيبت 1866 امرأة و2202 رجلا بالخرف.
وكانت النساء الحوامل أقل عرضة بنسبة 15% للإصابة بالخرف من اللواتي لم يحملن مطلقا.
لكن انخفاض خطر مماثل لدى الرجال الذين لديهم أطفال يشير إلى أن هذه النتيجة لا تتعلق فقط بالهرمونات في الجسم بل إن وجود عائلة قد يساعد ببساطة في الحفاظ على دماغ الوالدين نشطا ودرء الخرف.
ومع ذلك، تشير النتائج إلى أن العائلات الأكبر حجما ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بالخرف، حيث أن النساء اللواتي لديهن أربعة أطفال، مقارنة بأولئك اللواتي لديهن طفلان فقط، لديهن احتمالية أعلى بنسبة 14% للإصابة بالخرف.
وكان لدى الرجال الذين لديهم أربعة أطفال احتمالات أعلى بنسبة 26% للإصابة بالخرف، مقارنة بمن لديهم طفلان.
ويشير مؤلفو الدراسة إلى أن انجاب الكثير من الأطفال قد يؤدي إلى الإجهاد والصعوبات المالية، وهو أمر غير مفيد لصحة الدماغ.
ولم تجد الدراسة، التي نُشرت في مجلة PLOS Medicine، أي صلة بين النساء اللائي يتناولن العلاج بالهرمونات البديلة (HRT) والخرف، على الرغم من زيادة هرمون الإستروجين في الجسم.
وارتبط إجراء عملية استئصال الرحم، خاصة إذا تم استئصال المبايض أيضا، بزيادة خطر الإصابة بالخرف أو الوفاة بسببه، لكن هذا كان عاملا مهما فقط للنساء من الفئات الاجتماعية والاقتصادية الأكثر فقرا.