إخوان تونس والانتحار السياسي
تصريحات أردوغان الأخيرة فضحتها: اخوان تونس يلعبون ورقة الانتحار السياسي بإخراج تركي سيّء
تعيش الساحة السياسية والجهات الرسمية التونسية منذ يومين على وقع تصريحات الرئيس التركي رجب أردوغان المسيئة لتونس والتي عبّر فيها عن أسفه لحل البرلمان معتبرا أنّ ذلك قد شكّل ضربة لإرادة الشعب التونسي،مضيفا بالقول "نأسف لحل مجلس نواب الشعب الذي عقد جلسة عامة في تونس بتاريخ 30 مارس 2022، ولبدء تحقيق بحق النواب الذين شاركوا في الجلسة".
وقد تتالت ردود الأفعال الرافضة لهذا التصريح حيث اعتبرته الخارجية التونسية تدخلا غير مقبول في الشأن الداخلي، ويتعارض تماما مع الروابط الأخويّة التي تجمع البلدين والشعبين ومع مبدأ الاحترام المتبادل في العلاقات بين الدول.كما قامت باستدعاء السفير التركي لإبلاغه رسميا باحتجاج تونس.وقد تسرّب من الاجتماع قول لوزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي الذي خاطب السفير بلهجة حادة
"ان كان رئيسك منزعج من حل البرلمان فاحزم حقائبك وغادر".
وفي أعلى هرم السلّطة وجّه الرئيس سعيد رسائل مباشرة لنظيره التركي بالقول “تونس ليست إيالة ولا تقبل بتدخل القناصل الأجانب” وهو ردّ موجّه أساسا لأردوغان حيث أن مصطلح الايالة كان قد اختص به الاستعمار العثماني لعدد كبير من الدول العربية ضمن ما كان يعرف بالإمبراطورية العثمانية وكانت تونس ضمن هذه الايالات.
و الواقع أن تصريحات سعيد الرافضة للتدخل التركي واستعادة الاستعمار العثماني وان بطرق مختلفة هي امتداد لرفض التونسيين للوجود المزعج للأتراك في تونس منذ سنة 2012 تاريخ مسك الاخوان في تونس بدواليب الحكم حيث تم حشر البلاد في سياسة المحاور الغريبة عن الديبلوماسية التونسية وهو ما أدّى آليا لفقدان البلاد عمقها العربي مع ما رافق ذلك من خسائر اقتصادية هي نتيجة ما تعانيه البلاد اليوم من أزمة اقتصادية خانقة.
إذا يعدّ العجز التجاري مع تركيا نتيجة الاتفاقيات الغير متكافئة التي أمضاها الاخوان الأكبر والاكثر ارهاقا للصناعة التونسية وقد تسببت في انهيار شبه كامل لمنظومة النسيج والصناعات الغذائية حيث بلغ هذا العجز ما قيمته 2.65 مليار دينار (948.5 مليون دولار) سنة 2021. اضافة إلى مبلغ يماثله من السلع المهرّبة والتي يتم ادخالها للبلاد بطرق غير شرعية في حكومات الاخوان ومن ناصرهم وعمل لحسابهم.
وتسعى تونس منذ شهر أوت الفارط إلى عمل مراجعة عاجلة للاتفاقية التجارية التي كانت قد أبرمتها مع تركيا قبل 16 عاما.وتعززت ببروتوكلات أخرى بدعم من الاخوان المندوبين التجاريين للأتراك في تونس اذ يعرف التونسيون أن كل الصفقات التجارية من التوريد أو التصدير لتركيا كانت حكرا على الاخوان أو المقرّبين منهم. ومن هنا نفهم استماتة أردوغان تركيا في الدفاع عن مندوبيهم.
و اليوم وبعد ازاحة الاخوان عن الحكم بات استنجاد هؤلاء واضحا بالأتراك امّا ليجدوا لهم خروجا آمنا لهم وامّا لإعادتهم للحكم وامّا لممارسة سياسة الأرض المحروقة التي يتقنونها.حيث رصدت عشرات التحركات والاجتماعات سواء في تونس أو في تركيا أو في عدد من الدول الأخرى بين شخصيات سياسية اخوانية وأتراك. وهذا مثبت في تقارير استخباراتية تونسية.بل ان الأخطر على تونس وهو الذي لايخفى على رئاسة الجمهورية والاجهزة الأمنية هو دخول التنظيم العالمي للإخوان المسلمين على الخط والضغط على تركيا والاتنسيق معها للتدخل بقوة في الشأن التونسي.
ويعتبر ملاحظون أن تصريحات الرئيس أردوغان المنزعجة من حل البرلمان انما هي اعطاء الضوء الأخضر للمحور الثلاثي المتمثل في تركيا والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين واخوان تونس للتحرّك باتّجاه مزيد من التصعيد ضد تونس ومحاولة ارباك السلط الحاكمة طمعا في ثورة شعبية وقودها تجويع الشعب وغلاء الأسعار وسحب المواد الأساسية من الأسواق وهي مصادر لاتزال في أغلبها تحت سيطرة اخوان تونس.
هذا السيناريو من المنتظر أن يبلغ مداه في الأسابيع المقبلة مالم تتعامل رئاسة الجمهورية والحكومة والقضاء بالحزم المطلوب مع تمرّد قادة الاخوان وعلى رأسهم راشد الغنوشي على الدولة واستخفافهم بإرادة الشعب التي لفظتهم يوم 25جويلية 2021.
ويبقى الردّ المناسب على هذا المخطط الخطير هو مدى رغبة الرئيس التونسي في فكّ العزلة عنه دوليا والاتجاه إلى تقوية أواصر التعاون مع الاتحاد الأوروبي لإيجاد التمويلات الضرورية للاقتصاد المنهك وتعويض العجز التجاري مع تركيا بإلغاء كل المعاهدات مع أنقرا وتعويضها باتفاقيات أخرى متوازنة مع دول أوربية وعربية على استعداد لمساعدة تونس على تخطّي أزمتها وفكّها من سياسة المحاور التي حشرت فيها.
النخب التونسية "تصفع" أردوغان
رغم انقسام الشارع السياسي التونسي الواضح للعيان بين أنصار الرئيس سعيّد وبين معارضيه وهم الأكثرية فان وحدة الشارع بدت واضحة ضدّ تصريحات الرئيس التركي رجب أردوغان وكان العنوان الأبرز رفض التدخّل التركي في الشؤون السياسية لتونس ورفض كل تدخّل أجنبي في الأزمة السياسية التي ترى النخبة السياسية بأن حلّها لن يكون سوى تونسيّا بحتا وعبر آليّة واحد هي الحوار.
زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب الحزب الأكثر قربا من الرئيس سعيّد قال ان الرئيس التركي أردوغان غير مسموح له بالتدخّل في الشأن التونسي وهو ليس في موقع يسمح له بإعطاء التونسيين دروسا في الديمقراطية وهو الذي زجّ بالالاف من معارضيه في السجون بعد محاولة الانقلاب عليه في 2016.
في حين شكّك سياسيون آخرون في عملية الانقلاب أصلا واعتبروا أن ما قام أردوغان به من عمليّة تطهير في الجيش وفي التعليم وفي الامن لايقارن بإجراء اغلاق البرلمان التونسي الذي يتباكى عليه. وأن انزعاجه من هذا الامر يعدّ رسالة تضامن ومجاملة مع صديقه رئيس البرلمان المجمّد وسبب نكبة البلاد راشد الغنوشي ولن يكون لهذه التصريحات أيّ أثر على الأرض لان الاتراك لن يجدوا لهم موطأ قدم في تونس وخططهم الاستعماريّة مكشوفة لعموم الشعب فضلا عن نخبته.