المتحدثة باسم الخارجية الروسية تعلق حول محاسبة بلادها
قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن "محاسبة روسيا" ليست سوى مبرر من ممثلي المؤسسة الأمنية الأمريكية لسيطرة الاحتكارات التكنولوجية على الرأي العالمي.
جاء ذلك في منشور لها في قناتها على تطبيق "تليغرام" صباح اليوم الأربعاء، 27 أبريل، حيث قصت زاخاروفا كيف قام ضباط المخابرات الأمريكية المتقاعدون (ونحن نعرف بعدم وجود ما يسمى "ضباط مخابرات متقاعدون")، منذ أيام، بدعوة المشرعين الأمريكيين إلى عدم تقييد السلطة المطلقة لشركات تكنولوجيا المعلومات، ولهذا الغرض كتبوا رسالة مفتوحة تدعو الكونغرس الأمريكي إلى التخلي عن مشاريع قوانين من شأنها تقييد الإملاءات الرقمية لكل من "غوغل" و"ميتا" وغيرهما.
تابعت زاخاروفا: إن الدافع وراء ذلك على حد تعبيرهم بسيط: "المعركة القائمة ما بين الاستبداد والديمقراطية". ويعنون هنا بالاستبداد "بما في ذلك نحن" الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل لتغيير النظام العالمي، وبالديمقراطية "يتحدثون عن أنفسهم" بالشراكة مع غيرهم من "الأبطال" المعروفين المدافعين عن حرية التعبير، يعنون منصات التكنولوجيا الأمريكية، التي "تمنح العالم فرصة لرؤية الحقيقة بشأن الفظائع التي ارتكبتها القوات المسلحة الروسية في أوكرانيا".
وينصح هؤلاء الضباط باستخدام طرق الإنجاز التقليدية: الرقابة والعقاب الرقمي. أي أن الديمقراطية وحرية التعبير، فيما يتضح من هذه الرسالة المفتوحة من مجتمع المخابرات، تتحققان من خلال تكميم جميع أفواه المختلفين في الرأي، والإزالة من فضاء المعلومات كل ما من شأنه أن يتعارض مع الرؤية المفروضة من أعلى، والتي يفرضها بطبيعة الحال مجتمع المخابرات وغيرها من المؤسسات السيادية.
ولعل قرار "فيسبوك" بعدم إزالة المواد المتطرفة ضد الروس هو أوضح دليل على ذلك.
تجدر الإشارة هنا إلى أن من بين المدافعين عن الأمن القومي والأوصياء على الرأي العام الممثلون المعروفون للمؤسسة الأمريكية:
ليون بانيتا، سيء الذكر، وزير الدفاع الأمريكي السابق والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية، وهو كذلك عضو مجلس الإدارة في شركة "أوراكل".
فرانسيس تاونستد، المساعد السابق لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الإرهاب والأمن الداخلي.
جيمس كلابر، المدير السابق للاستخبارات الوطنية.
جاي جونسون، وزير الأمن الداخلي السابق.
وغيرهم من الشخصيات العامة المعروفة.
لعلكم تتساءلون إذن، ما علاقة ممثلي الاستخبارات الأمريكية والحديث في هذا الشأن المشتعل؟
أقول لكم: تمكن هؤلاء من ممثلي "الدولة العميقة" إلى جانب غيرهم، على إثبات وجودهم في القطاع الخاص، خارج الخدمة المدنية، بما في ذلك كمساهمين وأعضاء مجالس إدارة الشركات الكبيرة في قطاعات تكنولوجيا المعلومات. وبذلك اندمجت السلطة الأمريكية ووكالات الاستخبارات مع الشركات والمؤسسات الإعلامية الكبيرة في احتضان عاطفي متين. من هنا يصبح من المستحيل تماما أن نفهم أين يبدأ النضال من أجل حرية التعبير، وأين تنتهي حرية التعبير نفسها. والأهم، ما الذي يطلقون عليه "ديمقراطية".
بالمناسبة، فقد تمكن كل من فرانسيس تاونستد وجيمس كلابر من العمل في "سي إن إن" و"سي بي إس".. كم يبدو ذلك منطقيا.
لكن هؤلاء القادة في مجتمع الاستخبارات متحدون فقط ليس من خلال انتظام المسار الوظيفي، وإنما كذلك من خلال "الاهتمام" الخاص ببلادنا. حيث روج كل منهم لأخبار مزيفة حول التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية، كما يلعب بانيتا وكلابر أدورا قيادية في "المجلس الاستشاري للجنة المنظمات غير الحكومية المعنية بالتحقيق في الشأن الروسي".
بل إن الفكرة المهووسة والثابتة بشأن "محاسبة روسيا" والتي تحاصر ممثلي المؤسسة الأمنية الأمريكية ليست سوى مبرر ومطية للإبقاء على سلطة خارجة عن السيطرة لمؤسسات الاحتكارات التكنولوجية على الرأي العام ليس في الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، وإنما كذلك في جميع أنحاء العالم. وخلف الشعارات الصاخبة والرائعة عن الديمقراطية تختفي حسابات براغماتية ومغرقة في العبث.
وهنا يبرز إيلون ماسك مقررا أن يبحث عن شيء ما في متجر الإنترنت...