بغالبية ساحقة.. التشيليون يرفضون مشروع الدستور الجديد
رفض التشيليون بغالبية ساحقة، اقتراح الدستور الجديد الهادف إلى استبدال ذاك الموروث من عهد ديكتاتورية أوغستو بينوشيه (1973-1990) حسب نتائج جزئية بعد فرز 72% من الأصوات.
وقال نحو 62،2% من الناخبين إنهم "يرفضون" اقتراح الدستور الجديد الرامي إلى إدخال حقوق اجتماعية جديدة، خصوصا في مجال التعليم والصحة والإسكان والاعتراف بحقوق السكان الأصليين والحق بالإجهاض، في مقابل 37،8% أيدوا الاقتراح، حسب الهيئة الانتخابية.
واصطف الناخبون في طوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع حتى قبل فتحها عند الساعة الثامنة (12،00 ت غ) لهذا الاستفتاء الإلزامي الذي دعي إليه 15 مليون ناخب ليقرروا ما إذا كانوا يريدون تغييرًا كبيرًا في المجتمع أم لا. وانتهى التصويت الساعة 18،00 (22،00 ت غ).
وكان الرئيس اليساري غابريال بوريك أحد أوائل المقترعين مع والده وشقيقه، في مدينة بونتا أريناس في أقصى جنوب البلاد قبالة مضيق ماجلان.
وكتب في تغريدة بهذه المناسبة "في تشيلي، يجب أن نحل خلافاتنا بمزيد من الديموقراطية وليس بأقل من ذلك، وأنا فخور جدًا بأننا وصلنا إلى هنا".
بدأت صياغة الدستور الجديد بعد الانتفاضة الشعبية العنيفة في 2019 للمطالبة بمزيد من العدالة الاجتماعية. أما الدستور الحالي الذي تم تبنيه في عهد حكم بينوشيه (1973-1990)، فما زال يعتبر عقبة في وجه أي تغيير اجتماعي كبير رغم تعديلات كثيرة أدخلت عليه.
وقد شكل أساسا نيوليبراليا لنموذج سمح بعقود من الاستقرار والنمو الاقتصادي لكنه أنتج أيضا مجتمعا يتسم بعدم التكافؤ إلى حد كبير.
ونصَّ مشروع الدستور الجديد خصوصا على أن تضمن الدولة للمواطنين الحق في التعليم والصحة العامة والتقاعد والسكن اللائق.
كما يكرس الحق في الإجهاض، وهي قضية خلافية في هذا البلد الذي لم يكن قبل 2017 يسمح بالإجهاض في حالات الاغتصاب أو الخطر على الأم أو الطفل. كما يهدف المشروع إلى تكريس الحقوق البيئية والاعتراف بالشعوب الأصليّة.
رغم عرض القوة الذي قام به أنصار النص الذين جمعوا أكثر من 250 ألف شخص مساء الخمس في سانتياغو عند اختتام الحملة رسميا، في مقابل 400 شخص بالكاد للمعسكر الداعي إلى رفضه، توقعت كل استطلاعات الرأي أن يُسفر الاستفتاء عن رفض الدستور الجديد.
وقالت مارتا لاغوس عالمة الاجتماع ومؤسسة معهد موري لاستطلاعات الرأي لوكالة فرانس برس "سيصوت الكثير من الشباب، ولا سيما في العاصمة وهؤلاء الشباب يؤيدون التغيير. لكن هذا لا يعني" فوز مؤيدي الدستور الجديد لأنه من المتوقع رفض النص "في جنوب البلاد وشمالها".
وتشهد هاتان المنطقتان مشاكل خطيرة مرتبطة بالعنف وانعدام الأمن. ففي الجنوب تجري نزاعات على أراض تطالب بها مجموعات متطرفة محلية من هنود المابوتشي، فيما يعاني الشمال الفقر ومشكلة الاتجار بالبشر نتيجة تدفق المهاجرين.
وأوضحت مارتا لاغوس أن أنصار الرفض يشكلون مجموعة "متباينة جدا" ذات توجه "شعبوي" قوي نابع من "الخوف" من أن يتم تجريدهم من حقوقهم. في المقابل، تمكن معسكر الموافقين على الدستور الجديد من فهم كيفية "توزيع الحقوق الاجتماعية الجديدة" التي ينص عليها.
وتابعت "يبقى هناك بالطبع احتمال أن تكون كلّ استطلاعات الرأي مخطئة" وأن ينجح التصويت في العاصمة "في التعويض عن التصويت في الشمال والجنوب".
لكنها تعتقد أن فرص نجاح "هذا الاحتمال لا يتخطى 5%".
وتوقعت أن "نشهد الأحد تصويتا محافظا" رغم أن الدستور الجديد يحمل قيما ينادي بها جيل الألفيّة" أي الذين ولدوا في العقدين السابقين للعام 2000.
غير أن رفض مشروع الدستور الجديد الذي صاغته على مدى عام الجمعية التأسيسية المنتخبة في مايو 2021 والمكونة من 154 عضوًا، لا يعني بالضرورة تجميد كل الإصلاحات، إذ تمّ وضع "خرائط طريق" منذ الآن.
وقالت الأكاديمية سيسيليا أوسوريو الأستاذة في جامعة تشيلي لفرانس برس إن "هناك إجماعا على أن دستور 1980 لم يعد صالحا وعلينا الانتقال إلى (دستور) آخر" يرسي "حقوقا اجتماعية وسياسية واقتصادية" جديدة.
وأوضح إيمانويل غونزاليس الصحافي البالغ 22 عاما الذي صوت من أجل وضع دستور جديد خلال استفتاء أكتوبر 2020، أنه يعتزم رفض النص المنبثق عن هذه الآلية.
وقال "لا يمكنني القول إنه لا يعجبني إطلاقا، قرأته وأعتقد أن ثمّة أمورا يمكن إنقاذها في حال الشروع بعملية جديدة".