دلالات تاريخية: زيارة رئيس الإمارات لسلطنة عمان تفتح آفاق التعاون المشترك
الزيارة التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد إلى سلطنة عمان تعد أرفع أنواع الزيارات الرسمية. وهي أول "زيارة دولة" يقوم بها الشيخ محمد بن زايد إلى دولة عربية وخليجية منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو الماضي.
ويعد اللقاء هو الثاني خلال 4 شهور بعد اللقاء الذي جمعهما خلال زيارة سلطان عمان إلى الإمارات مايو الماضي، لتقديم التعازي بوفاة رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وترتبط الزيارة بتوقيت مهم يتمثل في حدثين رئيسيين على المستوى العربي والخليجي، وهما القمة العربية المرتقبة في الجزائر مطلع نوفمبر المقبل، والقمة الخليجية الـ43 ديسمبر المقبل، والتي تترأس دورتها القادمة سلطنة عمان، الأمر الذي يجعل المباحثات المرتقبة محطة مهمة على طريق تعزيز التضامن الخليجي والعربي.
ويبحث القائدان خلال الزيارة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتنموية ودفعها إلى الأمام بما يلبي تطلعات البلدين ويحقق أهدافهما إلى التنمية المستدامة.
كما يناقش الجانبان مجمل التطورات الخليجية والعربية والقضايا محل الاهتمام المشترك، وجهود البلدين في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
علاقات تاريخية
تجمع البلدين الشقيقين علاقات اجتماعية وثقافية تمتد جذورها إلى عمق التاريخ، وقد مرت خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة التي أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدمًا، وكان المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والسلطان قابوس بن سعيد قد عقدا لقاءً تاريخيًا في العام 1968.
وتواصل زخم هذه العلاقات بعد قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثقافية والتربوية بينهما، معززة بتبادل الزيارات في مختلف المجالات الثقافية والتربوية بغرض الاستفادة من الخبرات، وتطوير مجالات التعاون.
شكلت الزيارة التاريخية للشيخ زايد إلى سلطنة عمان في عام 1991 منعطفًا مهمًا في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم على أثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية" بدلًا من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.
وازدادت العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين تماسكًا ورسوخًا في ظل قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات الراحل، وسلطان عمان هيثم بن طارق.
زيارة محمد بن زايد تحمل رسالة هامة مفادها بأن العلاقات الإماراتية - العُمانية لن تظل قوية فحسب بل ينتظرها مستقبل زاهر.
الإمارات شريك تجاري
وتعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري لسلطنة عمان على مستوى العالم، فهي أكبر مصدّر إلى عُمان وأكبر مستورد منها، وتستحوذ على أكثر من 40% من مجمل واردات عمان من العالم فيما تستأثر بنحو 20% من صادرات عمان إلى الأسواق العالمية.
وقد بلغت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في عام 2021 أكثر من 46 مليار درهم بنمو 9% عن 2020، وبلغ متوسط النمو في تجارة البلدين خلال آخر 5 سنوات نحو 10%. وفي المقابل تعد سلطنة عُمان ثاني أكبر شريك تجاري خليجي لدولة الإمارات وتستحوذ على 20% من إجمالي تجارتها مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وعلى صعيد الاستثمار تعد دولة الإمارات أكبر مستثمر عربي وثالث أكبر مستثمر عالمي في سلطنة عمان وتساهم بأكثر من 8.2% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في عُمان. وبلغت القيمة الإجمالية للاستثمارات المتبادلة بين البلدين 15 مليار درهم تشمل كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية تقريبًا.