الجزائر والمغرب.. مشاحنات سياسية واشتباكات عسكرية وصلت لـ"القمصان الرياضية"
الجزائر والمغرب، أشقاءَ متجاوران، يتحدثان بلغة واحدة، نفس العقيدة والدين، يشتركان معا في العادات والتقاليد، ويرتبطان أيضا بجذور متأصلة لعائلات مشتركة، فضلا عن الانصهار بين أسر الدولتين العربيتين.
وبالرغم من كل ذلك، يتسم تاريخ الجزائر والمغرب بالكثير من المشاحنات السياسية، والتناحر الفكري، وتطور الأمر في بعض الأحيان إلى اشتباكات عسكرية حدودية.
الشجار التاريخي بين الشقيقتين، اتسم بكونه سياسيا في المقام الأول، إلا أن هذه المرة وصل الأمر إلى الرياضة، وهذا ما نوضحه في السطور التالية.
قطع العلاقات الدبلوماسية
أعلنت الجزائر العام الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع جارتها المغرب، وقامت بسحب سفيرها من الرباط.
كما قرر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مرورا بالمغرب.
وأرجع بيان رئاسة الجمهورية الجزائرية عدم التجديد إلى ما سماها "الممارسات ذات الطابع العدواني من المملكة المغربية".
كما منعت الجزائر الطائرات العسكرية والمدنية المغربية من استخدام مجالها الجوي، على خلفية اتهام الجزائر للرباط بالقيام بـ "أعمال عدائية".
كذلك اتهمت الجزائر المغرب بدعم جماعات تقف وراء حرائق هائلة شهدتها عدة ولايات جزائرية خلال فترة الصيف.
مواجهات عسكرية
تطور الأمر بين الجزائر والمغرب حتى وصل إلى اشتباكات عسكرية حدودية، وكادت الأزمات أن تتصاعد لمواجهات مباشرة بين الجيشان.
ووقعت مواجهات عسكرية حدودية مباشرة بين الطرفين عام 1963، ثم عام 1975 فيما عُرف بـ "حرب الرمال".
وتجددت الاشتباكات العسكرية الحدودية عام 1991 واستمرت إلى عام 1994، حتى أغلقت الجزائر حدودها البرية مع المغرب تماما.
ولا تزال الحدود البرية بين الجزائر والمغرب مغلقة حتى الآن منذ عام 1994.
ويمثل عام 2021 ذروة التوتر بين الطرفين منذ إغلاق الحدود البرية بينهما عام 1994، لكن درجة التلاسن تفاوتت بين كل جانب.
ولدى الجزائر والمغرب حدود مشتركة بطول 2000 كيلومتر تقريبا، وتشكل الحدود المشتركة مصدر توتر منذ الاستقلال عن الحكم الاستعماري الفرنسي.
قضية الصحراء الغربية
تعد مسألة الصحراء الغربية إحدى أهم قضايا الخلاف بين الجزائر والمغرب، إذ تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تسعى إلى استقلال الصحراء الغربية، في المقابل، يرى المغرب الصحراء جزءا لا يتجزأ من أراضيه.
ووقع المغرب اتفاقا مع الولايات المتحدة الأمريكية، في ديسمبر 2020، تعترف بموجبه واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وفي خطوة رأتها الجزائر تصعيدية من جانب المغرب، قدم الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في يوليو 2021، ورقة إلى أعضاء مجموعة عدم الانحياز يدعوهم لدعم ما سماه بـ "تقرير المصير للشعب القبائلي"، واصفا منطقة القبائل بأنها "خاضعة للاستعمار الجزائري".
وجاءت الخطوة المغربية بعد إعلان الجزائر البدء في إجراءات ترسيم الحدود مع جبهة البوليساريو، حيث تعترف الجزائر بجبهة البوليساريو دولة مستقلة.
الخلاف الرياضي الجديد
أشعل قميص رياضي توترا عابرا بين الجزائر والمغرب، بعد أن طلبت الرباط من شركة الملابس الرياضية العالمية "أديداس" سحب قمصان المنتخب الجزائري لكرة القدم، واتهمتها بسرقة التراث المغربي، في أحدث سجال بين البلدين الجارين حول "الملكية الثقافية".
وطالب المغرب شركة "أديداس" الألمانية بسحب قمصان لمنتخب الجزائر لكرة القدم بدعوى أن تصميمها مستوحى من نقوش الزليج المغربي.
بدأت القصة حين نشرت "أديداس" على صفحتها الرسمية بموقع "تويتر"، صورا لطقم جديد من قمصان منتخب الجزائر، موضحة أن تصميمها مستوحى من التاريخ والثقافة والتصاميم العريقة لقصر المشور بمدينة تلمسان الجزائرية.
لكن وزارة الثقافة المغربية، اعتبرت أن هذه التصاميم استيلاء ثقافي على أحد أشكال التراث المغربي لاستخدامه خارج سياقه، معتبرة أنّ ذلك سيساهم في فقدان وتشويه هوية وتاريخ هذه العناصر الثقافية.
كما قرّرت الوزارة توجيه إنذار قضائي للممثل القانوني لشركة "أديداس" بمقرها في ألمانيا، لسحب تلك القمصان الرياضية، مؤكدة أن هذه التصاميم، مستوحاة من تصميم فسيفساء مغربي تقليدي يعرف باسم "الزليج".
وأشارت وزارة الثقافة المغربية، في بيان، إلى حقها في استخدام كل القوانين المتاحة أمام المحاكم الألمانية والدولية، وكذلك أمام المنظمات المتعلقة بحماية التراث وحقوق الملكية الفكرية، مثل اليونسكو والمنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية، من أجل حماية عناصر التراث الثقافي المغربي من محاولات الاستحواذ الثقافي غير المشروعة.
وشددت الوزارة في بيانها على أن فسيفساء قطع الخزف الملون، ظهرت للمرة الأولى في المغرب في القرن العاشر، وأن النماذج الموجودة في قصر المشوار بتلمسان مستوحاة من المغرب، وشوهدت للمرة الأولى في المدرسة البوعنانية في فاس، ومدرسة الزاوية شالة.
والزليج عبارة عن صناعة تقليدية رائجة في المغرب لبلاط تزينه رسوم ونقوش ملونة مختلفة، ويستعمل في أرضيات وجدران البيوت أو القصور والمساجد.
الاتحاد الجزائري يعلق على الأزمة
قال جهيد زفيزف، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، إن الاتحاد الجزائري في طريقه إلى التعاقد مع شركة جديدة عالمية للملابس الرياضية ببنود تفضيلية مقارنة بالعقود السابقة.
وأضاف أنه اقترب الانفصال بين الاتحاد الجزائري وشركة الألبسة الرياضية "أديداس"، بعد الضجة التي أثارها تصميم القميص الجديد لمنتخب الجزائر.
ولم يكشف زفيزف أي معلومات بشأن العقد الحالي للاتحاد الجزائري مع "أديداس".