الطرف الشمالي يفسر بنود اتفاق الرياض على هواه لتعطيل تنفيذه
بعد ثلاث سنوات من التوقيع على اتفاقية الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي وبرعاية التحالف العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية، وهو الاتفاق الذي دعمه مجلس الأمن الدولي وعززه إعلان الرياض بنقل السلطة في ٧ أبريل ٢٠٢٢م...ما زال الطرف الشمالي يحاول التملص من تنفيذ بنود الاتفاق بالحيلة والمماطلة أو محاولة تفسير بنود الاتفاق على هواه.
جوهر الاتفاق كان وما زال يكمن في حشد الجهود والإمكانات العسكرية والبشرية والأمنية لتحرير صنعاء وكل محافظات الشمال من الحوثيين - الذراع المخلص لإيران في اليمن وفي منطقة شبه الجزيرة العربية كلها-.
ولتنفيذ هذا البند حدد الاتفاق في الشق العسكري والأمني توجيه الوحدات العسكرية المتمركزة في محافظات الجنوب لدعم الجبهات والمحاور في اتجاه الشمال وتسليم المهام الأمنية للوحدات الأمنية في هذه المحافظات... وهذا مالم يتم حتى الآن بسبب استماتة الطرف الشمالي في إبقاء القوات الشمالية في الجنوب وخاصة في وادي حضرموت ومحافظة المهرة.
هذه القوات أصبح جزء منها موالي للحوثيين ناهيك عن الولاء لحزب الإصلاح (إخوان اليمن)، خلافًا لاتفاق الرياض ورغمًا عن إرادة أبناء شعب الجنوب.
بل أن هذه القوات إضافة إلى قوات مماثلة لها من مأرب والبيضاء كانت رأس حربة المحاولات المتكررة لاقتحام العاصمة عدن -المحررة أصلا من الحوثيين منذ ٢٠١٥- وبقاء التوتر في كل من شقرة وشبوة قبل أن يتم إجبارها على مغادرة هاتين المنطقتين الجنوبيتين. وكان التخادم بين الحوثيين والإخوان جليًا في بيحان شبوة وفي وادي حضرموت.
وليس بعيدًا عن نشاط هذه القوات دعم وإيواء جماعات القاعدة وداعش التي ارتكبت عشرات الجرائم الإرهابية ضد القيادات والمصالح الجنوبية.
أما في الجانب السياسي وعلى الرغم من تشكيل حكومة المناصفة وتعيين محافظين لعدن وشبوة وسقطرة فإن العرقلة والتعطيل والمماطلة واللف والدوران والبحث عن معارك جانبية، ما زالت هي التي تحكم تصرفات وسلوكيات الجانب الشمالي في الحكومة اليمنية.
ولم يتم استكمال تعيين محافظين لبقية محافظات الجنوب ومدراء أمن وفقًا لاتفاق الرياض...وبدلًا من ذلك انشغلت الحكومة ومجلس القيادة في تعيين محافظين لمحافظات شمالية هي أصلا تحت حكم الحوثيين منذ ٨ سنوات.
في الجانب الاقتصادي لم تقترب الحكومة بعد من الاضطلاع بمهامها في معالجة ملفات الخدمات والمرتبات والأسعار، بل ازدادت الأوضاع سوءًا.
في مقابل هذه اللوحة المحبطة، قدم الجانب الجنوبي الكثير من التنازلات وبذل جهودًا جبارة لتنفيذ اتفاق الرياض وتخفيف معاناة الناس والتصدي لهجمات الحوثيين وجماعات الإرهاب وحرب الخدمات التي يتعرض لها الجنوب بفعل فاعل.
كما حقق المجلس الانتقالي نجاحات ملموسة على الأصعدة السياسية والدبلوماسية والإعلامية ليصبح الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله في مسائل الحرب والسلم والحل النهائي والشامل.
مع ذلك فقد آن الأوان للتحالف العربي أن يعيد النظر في سياسات وخطط الحرب والتعامل مع الملف اليمني عامة والجنوبي خاصة بعد استخلاص تجربة ثمان سنوات حرب حاول الطرف الشمالي خلالها تعطيل تحرير الشمال في مقابل تخريب نصر الجنوب الذي هو النصر الوحيد الذي يحسب أيضا ليس للجنوب وحده بل وللتحالف العربي. ويظل الشمال بعد هذه السنوات الطوال في قبضة الحوثيين بسبب عدم وجود مقاومة جادة شمالا.