الدكتور محمود سعادة.. قصة عالم مصري أنقذ بلاده من هزيمة في حرب أكتوبر

الدكتور محمود سعادة..
الدكتور محمود سعادة.. قصة عالم مصري أنقذ بلاده من هزيمة في ح
لم يقف انتصار السادس من أكتوبر على عمل العسريين فقط، إذ كان للمدنيين من العلماء المصريين دورًا بارزًا وحيويًا في الضغط على زر بدء الحرب في وقت فارق من عمر الدولة المصرية، وكان أبرز هؤلاء العلماء المدنيين هو الدكتور محمود محمد سعادة العالم المصري الذي أنقذ الموقف.وقود الصواريخالعالم المصري الدكتور محمود سعادة، ;الأستاذ بقسم التجارب نصف الصناعية بالمركز القومي للبحوث كان قد اعتمد عليه الرئيس المصري الراحل ;محمد أنور السادات في إنتاج كمية مناسبة من وقود الصواريخ وبطاريات الدفاع الجوي، بعد أن قرر طرد الخبراء السوفييت من مصر، وكان السوفييت وقتذاك يشرفون على حائط صواريخ الجيش، وبعد طردهم تعنتوا ورفضوا مد الجيش المصري بالوقود.تأزم الموقف وبدأت قيادة القوات المسلحة في إيجاد حلول، وكان اللجوء إلى المدنيين والاستعانة بالخبرات الأكاديمية على رأس الحلول السريعة، وهنا تقدم الدكتور سعادة وتولى المهمة بعد أن اصطحبته سيارة من منزله وطلبت من مقابلة مسؤولين كبار بالدولة.وبعد بحث ودراسة، في خلال شهر واحد، استطاع سعادة استخلاص 240 لتر وقود جديد صالح، من الكمية منتهية الصلاحية الموجودة بالمخازن، وطمئن ما توصل إليه قادة الجيش المصري، الذين بنوا قرار الحرب على نجاح سعادة في توفير وقود الصواريخ.يقول اللواء طيار محمد عكاشة في كتابه "جند من السماء": "إن سعادة تمكن من فك شفرات مكونات الوقود الأساسية ونسب كل مكون، ومن ثم استيراد عينة من الخارج".الدفاع الجويبعد استيراد عينة الوقود من الخارج، أجرى سعادة تجربة شحن الصواريخ بالوقود الجديد، نجحت التجربة تماماً، وكان ذلك بداية تعاون بين القوات المسلحة والمركز القومي للبحوث الذين نجحوا في إنتاج كمية كبيرة قدرت بـ(45) طنا من وقود الصواريخ، وبذلك أصبح الدفاع الجوي المصري مستعداً لتنفيذ دوره في حرب أكتوبر.وتقديرًا لدوره في الحرب، كرمت الدولة الدكتور سعادة ومنحته جائزة الدولة التشجيعية تقديرًا لجهوده، وتوفي في عام 2011، ليكتب اسمه ضمن أبطال معركة حرب أكتوبر دون أن يطلق رصاصة واحدة.الدكتورة سعاد محمود سعادة المتخصصة في ترميم الآثار وابنة العالم المصري تروي تفاصيل القصة، وتقول إن الحل الذي توصل إليه والدها بالتعاون مع الجيش هو تكوين الوقود من العناصر المستخدمة فيه، والتي لم تنتهِ صلاحيتها بعد، والاستعانة بالمواد الخام المتوافر مثلها في مصر لإعادة تصنيعه من جديد وهو ما حدث، مضيفة أنه تم توفير كميات هائلة منه، الأمر الذي أدى في النهاية لخوض الحرب والانتصار الكبير.وتضيف أن والدها محمود يوسف سعادة نجح في استخلاص 45 طن وقود جديد من الوقود المنتهي الصلاحية الموجود، حيث تمكن من فك شفرة مكونات الوقود إلى عوامله الأساسية وأعاد تكوينه، وتم إجراء تجربة شحن صاروخ به وإطلاقه، ونجحت التجربة تماما، وفرح الرئيس السادات وقادة الجيش كثيرا بذلك.وتقول إن والدها كان من أوائل من عملوا في مجال الكيمياء الصناعية والموجات فوق الصوتية في مصر، حيث توصل كذلك لحل مشكلة أخرى كبيرة كانت تؤرق المسؤولين عن الزراعة المصرية، وهي الفئران الحقلية الكبيرة التي كانت تلتهم المحاصيل، ولم تفلح المبيدات الحشرية في التخلص منها، مضيفة أن والدها تمكن من استخدام الموجات في إزاحة الفئران والتخلص منها نهائيا.صاحب تخطيط القاهرة الكبرى ; العالم المصري محمود يوسف سعادة، كما تقول ابنته تخرج في كلية الهندسة قسم كيمياء صناعية، وتزوج من ابنه أستاذ التخطيط المصري الشهير سيد كريم، الذي يرجع إليه الفضل في وضع التصميمات والتخطيط العمراني لعدة مدن مصرية وعربية، مثل بغداد الجديدة ودمشق الجديدة وأبوظبي، وصاحب مشروع تخطيط القاهرة الكبرى عام 1952، وأول من أدخل عمارة الأدوار العالية إلى مصر.وتقول إن والدتها كان عمرها 16عاما عندما تزوجها والدها، ولم تكن قد أكلمت دراستها، وساعدها والدها العالم الراحل في إكمال مشوارها الدراسي، حتى حصلت على الدكتوراه في الآثار، وتقوم بالتدريس حاليًا في الجامعة الأميركية في القاهرة.توفي العالم الراحل في العام 2011 وشهد جنازته عدد من العسكريين والعلماء الذين كانوا على علم تام بدوره الكبير في حرب أكتوبر والنصر العظيم الذي تحقق لمصر والعرب.