محددات العلاقات العربية- التركية بعد صعود أردوغان
تعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية حدثًا سياسيًا دوليًا بامتياز، نظرًا إلى الدور الإقليمي الكبير الذي لعبته أنقرة خلال السنوات الماضية على الساحة الدولية، وتولدت عنه متابعة دولية واسعة للانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية من الدول الحليفة وغير الحليفة لتركيا ودول الجوار.
وقد تلا الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت الأسبوع الماضي تحليلات سياسية متعدّدة من خارج تركيا، جمعت عمومًا بين مواقف مؤيدة أو معارضة لحزبٍ معين أو لشخصية سياسية معينة، وذلك بما يتوافق مع مصالح بعضهم وطبيعة العلاقات في ما بين الفاعلين السياسيين في تركيا وبقية الدول، بما في ذلك الدول العربية.
شهدت الانتخابات التركية - خصوصًا الرئاسية - اهتمامًا عالميًا واسعًا، فتركيا هي إحدى الدول المؤسسة لحلف شمال الأطسي وهي دولة محورية ترتبط بالكثير من الملفات الشائكة للغاية كالصراع السوري وعلاقاتها المتراوحة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى، إضافة إلى الأزمة المستمرة منذ عقود مع الأكراد وكذلك العلاقات مع العراق وإيران والسعودية وقطر وغيرها من الملفات الملتهبة.
شخصية أردوغان المعقدة
ويرجع جانب كبير أيضًا من الزخم المحيط بالانتخابات التركية إلى شخصية الرئيس التركي أردوغان المعقدة والمثيرة للجدل، فالرجل يحظى بشعبية ليست قليلة داخل وخارج تركيا، وهو في السلطة منذ أكثر من 20 عامًا.
ويشيد مؤيدوه بحركة البناء والتشييد وتطوير الصناعات التي يقودها في تركيا، كما ينظر إليه مؤيدوه ومعارضوه على حد سواء على أنه شخص شديد البراغماتية على استعداد لعقد الصفقات والتسويات من أجل تحقيق أهدافه.
انتخابات الرئاسة التركية ستؤدي إلى عدد من التغيرات المحتملة في السياسية الخارجية التركية تجاه دول الإقليم وخاصة العربية منها.
بطبيعة الحال كانت العلاقات التركية-العربية خلال الاشهر الأخيرة، تمضي قدما نحو مزيد من التحسن تتفاوت درجاته، تجاه كل بلد.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ في تغيير السياسة الخارجية قبل نحو عامين، وسيكمل هذا المسار بعد فوزه، خلافا لكمال كليجدار أوغلوا الذي كان سيكون أكثر ميلا للغرب.
السياسة الخارجية ستبقى على ما هي عليه تجاه العديد من القضايا، وأن أردوغان يمكنه العمل بشكل أقوى على السياسة الخارجية الحالية.
التوترات بين تركيا والعرب
تراجعت حدة التوترات بين تركيا والدول العربية وفي المقدمة منها مصر والسعودية، خلال العام الأخير، وعقدت لقاءات رسمية بين مسؤولين في البلدان الثلاث، منها على مستوى وزراء الخارجية، وذلك بعد سنوات من التوتر الكبير على مستويات عدة.
العلاقات العربية-التركية ستمضي قدما بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خاصة بعد محطات التقارب التي أقدم عليها الرئيس التركي قبل نحو عامين لإعادة صياغة السياسة الخارجية مع دول الإقليم.
العلاقات الخليجية-التركية يمكن أن تشهد المزيد من التقدم في الفترة المقبلة، فضلا عن التقدم على مستوى الملف السوري والتي يمكن أن تكلل بتطبيع كامل للعلاقات برعاية روسية.