بين المرونة والصلابة.. تصعيد ملحوظ اللهجة المصرية حيال القضية الفلسطينية
الموقف المصري منذ بداية التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وحركة حماس يتطور بشكل سريع، بداية من إعلانها إجراء اتصالات مكثفة مع الجانبين لوقف إطلاق النار، ودعوتها للجميع لضبط النفس، وصولًا إلى منع خروج الأجانب من قطاع غزة عبر معبر رفح، إن لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات للقطاع، وانتهاءً بالتصريحات المتكررة، بأن سيادتها ليست مستباحة وأمنها القومي أولوية.
موقف مصر أيضا مرن، ويتطور مع تغير الأحداث، وهذا ما يفسر ربط خروج الأجانب بدخول المساعدات، حيث حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء من تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، معتبرًا أن قطع المياه والكهرباء، ومنع المساعدات عن سكان القطاع هدفه نقلهم إلى مصر.
وقال السيسي في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي زار القاهرة بعد تل أبيب: "إذا استدعى الأمر أن أطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض هذه الفكرة، فسترون الملايين من المصريين يخرجون للتعبير عن ذلك، دعمًا لموقف بلادهم في هذا الأمر"، وأضاف: "نحن نرفض تصفية القضية الفلسطينية، والتهجير إلى سيناء"
وهنا لب وجوهر الموقف المصري الثابت إلى جانب حق شعب فلسطين في إقامة دولته المستقلة على الأرض الفلسطينية في حدود ٤ يونيو حزيران ١٩٦٧م وعاصمتها القدس الشرقية.
الخيارات المصرية المتاحة حتى الآن
الخيار الأول: الضغط لدخول المساعدات إلى قطاع غزة، وهو الخيار الأبرز، لإن إسرائيل ستوافق عاجلًا أو آجلًا على هذا المطلب، لأنها تتعرض على الجانب الآخر، لمطالبات مستمرة من دول كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، لإخراج مواطنيهم عبر معبر رفح المصري.
وقد حددت مصر مطار العريش، نقطة تمركز للمساعدات القادمة من خارج البلاد، واستقبل المطار بالفعل شحنات مساعدات قادمة من تركيا والأردن ومنظمة الصحة العالمية وغيرها، بانتظار إدخالها إلى غزة.
الخيار الثاني: هو الإعداد جيدا لسيناريو دخول أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى رفح، غير إن هذا الأخير سيتطلب إجراءات أمنية مكثفةةومشددة ودقيقة.
الخلاصة
أسباب رفض القاهرة القاطع لـ "تهجير الفلسطينيين إلى سيناء" ترتبط بجانبين، الأول "أمن قومي" والثاني خاص بالفلسطينيين وقضيتهم، بالإضافة إلى أن موقف مصر واضح ليس فقط من بداية الأزمة الحالية، ولكنه موقف تاريخي بالنسبة للقضية الفلسطينية التي لطالما كانت على رأس أولويات مصر.
ويمكن تحديد تبعات زيادة حدة الصراع في قطاع غزة في عدد من النقاط:
١- ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية أمر غير مقبول، وما تقوم به القوات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني "جرائم في حق الإنسانية".
٢- مصر تُحمل إسرائيل والمجتمع الدولي تداعيات الأزمة الراهنة، والتي تشير إلى توسيع دائرة الصراع على نحو غير مقبول.
٣- تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو الأردن "أمر غير مقبول"، وأكد عليه الرئيس المصري ب "أن الأمن القومي "خط أحمر"، ولا نقبل بأي حال من الأحوال تصفية القضية الفلسطينية".
٤- أعلنت مصر مرارًا وتكرارًا رفضها الدعوات الإسرائيلية، والممارسات التي تقوم بها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
٥- الأمن القومي المصري له قوة تحميه، والجيش المصري "وطني وقادر على الدفاع عن التراب المصري".
٦- لا ولن تقبل مصر الاستفزازات، ولديها قيادة "حكيمة وواعية" وحريصة على عدم توسيع دائرة الصراع الراهن.
٧- أي تصعيد سيواجه بتصعيد أقوى.