إيران... دماء تلاحق القتلة
أخفقت المحاولات الحثيثة لحكم الولي الفقيه في طمس مذبحة اكثر من ثلاثين الف سجين سياسي والتخلص من تبعاتها رغم مرور 35 عاما على حدوثها، وفقًا لما ذكرته المعارضة الإيرانية.
شاركت مجموعة من كبار خبراء الأمم المتحدة في المؤتمر الذي نظمته منظمة العدالة لضحايا مذبحة عام 1988 في نيويورك الشهر الماضي، وطالبت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتحقيق لمحاسبة قادة ومنفذي مجزرة 1988 وضرورة إنهاء ثقافة الحصانة.
قال البروفيسور جاويد رحمان المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون إيران ان أكبر وأشد مأساة شهدناها بعد ثورة 1979 هي الاختفاء القسري والتعسفي، إعدام آلاف الأشخاص عام 1988 في جميع سجون البلاد بناءً على فتوى من خميني خارج نطاق القضاء، مشيرا إلى تشويه الواقع، إخفاء المجازر من خلال روايات وبيانات كاذبة، تشويه البيانات التاريخية، الاضطهاد النشط للناجين وأفراد عائلات الضحايا، فضلًا عن إخفاء الأدلة مثل تدمير المقابر الجماعية مثيرة للقلق العميق.
توقف سفير الولايات المتحدة السابق للعدالة الجنائية العالمية ستيفن راتز عند غياب العملية القضائية خلال مذبحة عام 1988، وصف ما كان قائما بمحاكم التفتيش، حيث تم إعدام الأشخاص الذين أنهى بعضهم مدة عقوبته، وفي إشارة إلى المجاهدين الذين لم يقعوا في خداع خميني وشعاراته الدينية قال ان 90% من الضحايا كانوا من الشيعة وضد الاستبداد الديني في إيران، كما شدد على “اننا أمام نظام ارتكب جرائم مروعة عام 2019 بسبب الإفلات من العقاب بعد المجزرة” وترتكب هذه الجرائم المروعة بشكل رئيسي ضد النساء منذ العام الماضي”.
وأفادت عضو الفريق العامل التابع للأمم المتحدة الدكتورة غرازينا بارانوستكا بإنه “بالنظر إلى الوضع الذي نناقشه اليوم، من الواضح أن هذه الجريمة مستمرة لأن الحكومة لم تعترف بها، ولم تكشف عن أي معلومات حول مصير ومكان وجود الضحايا”.
وذكرت أناهيتا سامي ممثلة منظمة العدالة لضحايا مجزرة 1988 في إيران إنه “تم إعدام أكثر من 30 ألف شخص، 90% منهم من أعضاء مجاهدي خلق” مؤكدة على ان عدم محاسبة مرتكبي المجزرة أمام المجتمع الدولي يجعل سلطات النظام الإيراني أكثر حرصًا على ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المتظاهرين المعارضين والسجناء السياسيين، كما اعتبرت ثقافة الإفلات من العقاب داخل النظام الإيراني “وصمة عار على ضميرنا الجماعي” لا يمكن الوقوف مكتوفي الايدي امامها نظرا لما تعبر عنه من ظلم ومعاناة.
اشار رئيس الرابطة الدولية للعلماء ضد الإبادة الجماعية البروفيسور ميلاني أوبراين إلى أن الإفلات من العقاب ادى إلى زيادة سوء مرتكبي الجرائم، ومن الواضح أنه لن تكون هناك عدالة للضحايا داخل إيران مع تولي إبراهيم رئيسي منصبه، وسوف يستمر العنف.
كانت الآثار الرهيبة لحصانة القتلة الذين وصلوا اليوم إلى مناصب عليا إحدى نقاط النقاش الرئيسية في مؤتمر نيويورك، وفي ذلك دلالة اخرى على تصاعد نيران التقاضي من مقبرة خاوران في طهران إلى سائر مدن إيران، ومن طهران إلى ستوكهولم، ومن لندن إلى نيويورك.
تحطمت جدران الصمت الثقيل والرقابة بعد الدعوة الشاملة لحركة التقاضي في عام 2016، حيث طلبت المقررة الخاصة لحقوق الانسان اسماء جهانجير في اكتوبر 2017 النظر إلى الوراء، لرؤية العدد الكبير من الالتماسات والوثائق المتعلقة بعمليات إعدام آلاف السجناء السياسيين رجالًا ونساءً وأحداثًا في عام 1988، ورد عليها مدعي عام النظام جعفري دولت ابادي بتحميل مجاهدي خلق مسؤولية اعادة تسليط الضوء على القضية، وبفضل نجاحات حركة المقاضاة وارتباطها الوثيق بمساعي الإطاحة بالنظام، يتحدث خبراء الأمم المتحدة والمقررون الخاصون اليوم عن جريمة لا يمكن، ولا ينبغي نسيانها.