من التنافس إلى التحالف.. المرحلة الجديدة في العلاقات التركية المصرية

متن نيوز

العلاقات التركية المصرية مهمة استراتيجيا في العديد من الجوانب في هذا العصر الجديد. وبالمقارنة بفترة ما قبل عام 2013، تحدد الديناميكيات الجديدة الآن الإطار الاستراتيجي لعلاقاتهما. 

 

بالمقارنة بعام 2013، تطورت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يتصل ببيئتها الاستراتيجية. وفي حين تغيرت الأجواء الديناميكية والمواجهة الناتجة عن ما يسمى بالربيع العربي إلى حد كبير، إلا أن هناك اختلافات كبيرة في الموقف الإقليمي لكلا البلدين منذ نهاية الربيع العربي. 

 

 رغم أن ليبيا ليست ديناميكية هيكلية أساسية في العلاقات بين تركيا ومصر، فإنها أصبحت الآن واحدة من القضايا الأكثر أهمية في العصر الجديد. ففي مواجهة الموقف العسكري والدبلوماسي القوي لمصر في شرق ليبيا، برزت تركيا كقوة عسكرية رئيسية وفاعل سياسي في غرب ليبيا. يؤدي التنافس العسكري والسياسي المتآكل بين البلدين إلى صراع دون منتصر واضح في ليبيا. ونتيجة لذلك، لا تستطيع أنقرة أن تتبنى استراتيجية تتجاهل القاهرة، ولا تستطيع القاهرة أن تتجاهل أنقرة في ليبيا.

 

 في شرق البحر الأبيض المتوسط، تغيرت البيئة الإقليمية بشكل كبير. فقد برزت تركيا كفاعل أكثر نفوذًا من حيث القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية. ومن ناحية أخرى، تلعب مصر دورًا حاسمًا في الجغرافيا السياسية للطاقة. وخاصة فيما يتعلق بالولاية القضائية البحرية في البحر الأبيض المتوسط، فإن كلا البلدين من اللاعبين الرئيسيين. وفي هذا السياق، سهّل تطبيع تركيا للعلاقات مع الإمارات والسعودية تطبيع العلاقات بين أنقرة والقاهرة.

 

قبل 7 أكتوبر، كانت القضية الفلسطينية تحمل معنى استراتيجيًا مختلفًا بالنسبة للبلدين عما هي عليه اليوم. إن الحرب المستمرة في غزة ليست مجرد قضية أمن حدودي بالنسبة لمصر، ولا هي أزمة إنسانية بالنسبة لأنقرة فحسب؛ فكلا الدولتين تنظران إلى الحرب باعتبارها مسألة تتعلق بالأمن الإقليمي والوطني.

 

 لعل المتغير الاستراتيجي الأكثر أهمية في العلاقات بين تركيا ومصر هو دور تركيا في إفريقيا، وخاصة في منطقة القرن الأفريقي. فمع إعادة ضبط تركيا لدورها في المنطقة، أصبحت مصر أكثر حرصا على تعزيز التعاون مع تركيا.

 

مع زيارة السيسي لأنقرة، اكتملت المرحلة النهائية للتطبيع بين تركيا ومصر. ولكن السؤال الحقيقي هو كيف يمكن للعاصمتين التعاون في معالجة التحديات الإقليمية المذكورة أعلاه من خلال نهج حل المشاكل الذي يجمع مصالحهما.