بعد الانقسام الداخلي.. تقرير أمريكي: الحشد الشعبي لم يعد مؤثرًا في العراق
شهدت ميليشيات الحشد الشعبي شبه العسكرية الموالية لإيران تغييرات جذرية كبيرة، فلم تعد هي المتحكمة بمسار الأحداث في العراق، بعد أن كانت تتمتع بقوة لا مثيل لها وشرعية محلية واسعة النطاق، فقد أصبح الحشد الشعبي يعاني وهو في مسار هبوطي لأول مرة منذ تأسيسه وفقا لتقرير جديد لمعهد "بروكينغز" الأمريكي.
وبحسب التقرير لا تزال قوات الحشد الشعبي صامدة وتحتفظ بقوة عسكرية واقتصادية رسمية وغير رسمية كبيرة.
ومع ذلك، ففي عام 2022، ستواجه تحديات متزايدة لشرعيتها وهيكلها وتأثيرها. وهذه التحديات تنبع من استياء شعبي واسع النطاق من قمع الحشد الشعبي، وضعفه الداخلي وانقسامه، والتنافس المتزايد مع رجل الدين مقتدى الصدر.
وجميع هذه العوامل المؤثرة تسمح لخصوم الحشد الشعبي، والتكنوقراط داخل الدولة العراقية والصدريين بالتخلص من قوتهم، وهي فرصة تحدث لأول مرة في العراق.
وقال التقرير إنه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر 2021، كان أداء تحالف الفتح التابع لقوات الحشد الشعبي ضعيفًا. وفي رغبة شجاعة في التمسك بالقوانين والشفافية، استبعدت مفوضية الانتخابات العراقية مقاتلي الحشد الشعبي من التصويت الخاص لأفراد قوات الأمن لأن التنظيم لم يقدم قائمة بمقاتليه، وهو ما رفض الكشف عنه لسنوات.
وحصلت قائمة الفتح على 17 مقعدًا، بانخفاض عن 48 التي فازت بها في 2018. وفي المقابل حصل الصدريون المنافس الأول لقوات الحشد الشعبي على 73 مقعدًا.
وأوضح التقرير أنه من خلال الطعون القانونية والترهيب العنيف، سعت قوات الحشد الشعبي إلى قلب النتائج. وفي تصعيد صارخ نفذت هذه الميلشيات محاولة اغتيال بطائرة دون طيار لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وبإلحاح من الولايات المتحدة، سعى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وكافح للحد من قوة الحشد الشعبي ووقف الهجمات التي تشنها الميليشيات الموالية لإيران ضد الأفراد الأميركيين في العراق.
وأضاف التقرير بأن الصدر بعد فوزه الانتخابي دعا قوات الحشد الشعبي إلى حل نفسها، لكن هذه الميليشيات رفضت هذه الدعوات. ولسنوات، رفضت قوات الحشد الشعبي الاندماج مع الجيش والقوات العراقية وخرّبت الجهود المبذولة على المستوى الوطني لنزع سلاح مقاتليها وتسريحهم وإعادة دمجهم على الرغم من دعوات آية الله السيستاني.
ومنذ 2018، دفعت قوة الحشد الشعبي وغياب المساءلة الداخلية والخارجية الفصائل المتحالفة مع إيران إلى مهاجمة النشطاء المدنيين بعنف.
ومن بغداد إلى البصرة، قتلت الميليشيات الموالية لإيران وخطفت العشرات من قادة المجتمع المدني والمتظاهرين العاديين لقمع الحركة التي طالبت بإصلاحات لمكافحة الفساد وتحسين الخدمات والحوكمة والمزيد من الوظائف، وإصلاح الوضع العراقي المختل.
وفي السياق ذاته، أدى اغتيال الولايات المتحدة في يناير 2020 لقائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وداعمها الإيراني الجنرال قاسم سليماني، إلى تفاقم الانقسامات الداخلية في الحشد الشعبي حيث يعاني التنظيم من أزمة قيادية.
ووسط هذه الفوضى، انسحبت ميليشيات الصدر من الحشد الشعبي. وقوض الانقسام بشدة الشرعية الدينية لقوات الحشد الشعبي مما وسع من الهوة في سمعة القيادة والفصائل الموالية لإيران باعتبارهم بلطجية شوارع وعملاء إيرانيين.
وبحسب التقرير تشكل العلاقات الأيديولوجية والمادية لقوات الحشد الشعبي مع إيران ومصالح طهران الاستراتيجية في العراق والمنطقة مشاكل للجماعة وهي تسمح لخصوم الحشد الشعبي والشعب العراقي بالاستخفاف بافتقار قوات الحشد الشعبي إلى الوطنية والالتزام بازدهار العراق.
وبالتالي، فإن رعاية إيران لهم توفر الموارد لقوات الحشد الشعبي لكنها تعيق قدرتها على الانتقال إلى جهة فاعلة سياسية مكتفية ذاتيًا غير مثقلة بأعباء كونها جزءًا من "محور المقاومة" الإيراني.
واختتم التقرير، أنه قد تكون هذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي يستطيع فيها التكنوقراط العراقيون والسياسيون المعتدلون والجهات الفاعلة في المجتمع المدني استغلال الفوضى الداخلية لقوات الحشد الشعبي، حيث يصمم الصدر على منع قوات الحشد الشعبي من العودة بخلاف الكراهية الواسعة النطاق تجاه هذه الميليشيات ورغبة الشعب في تقليص سيطرة التنظيم على الدولة والمجتمع في العراق.