أولويات المرحلة الراهنة في اليمن بين الجدية والتسويف
جاء إعلان الرياض في السابع من إبريل 2022م ليطوي صفحة الرئيس اليمني هادي ونائبه محسن التي استمرت حوالي 12 سنة حافلة بالفشل والفساد، شاملة كافة المجالات والمستويات والمقاييس.
لقد بددت تجربة "السلطة الشرعية" ومنظومتها وقتًا ثمينًا يستحيل تعويضه، تحول خلاله الحوثيون "أنصار الله" إلى قوة تهدد أمن الجيران واستقرارهم ومصالحهم الحيوية ونجحوا في ترسيخ عوامل البقاء في شمال اليمن وانتزعوا اعترافات العالم وتجاوزوا الفترة الحرجة بخبرة وخبث الدولة الإقليمية الراعية لهم، خلافا لما تم في الجانب الآخر...ليس هذا فحسب، بل خاض الحوثيون بتواطؤ جناح في سلطة "الشرعية" السابقة حروب إقتصادية خطيرة ضد الجنوب ولاستنزاف وابتزاز دول التحالف.
معضلات وتحديات ماثلة للعيان:
هناك معضلات إقتصادية وأمنية وجيوش هامدة تحرس الصحاري، حقول النفط للمتنفذين من مراكز القوى الشمالية، وإرهاب يُتوقع أن يتجهز لدورة جديدة ونشطة وأولويات كبيرة تعد بجد امتحان التأهيل إلى المرحلة القادمة، حربًا أو سلمًا. وهذا يعني إن العمل من خلال "الرئاسة الانتقالية الجديدة"، التي تجمع بداخلها انقسامات حول مسائل جوهرية، بحاجة ماسة إلى تطوير موازِ لآليات التحالف العربي ذاته وأدواره المساندة والاستفادة القصوى من دروس سابقة.
الجنوب الذي عانى الأمرين ليس فقط خلال مرحلة هذه الحرب بل ومنذ حرب 1994م، في انتظار تحقيق الغايات المرجوة، يقف الآن على حقيقة أن القادم يتطلب من الجماهير العريضة (طول البال) والتفهُّم حول "تنزيلات الموسم" في الخطاب الذي ربما يعيد للحياة مفردات كانت قد تفحمت، وكذلك التعاطي مع نقاط رمادية بين المبدئية والمعيارية في سلوك القيادة وأحاديثهم كما تفرضها التوافقات المرحلية حتى يتم الانتقال مجددًا نحو سلام أو استمرار الحرب بوسائل أكثر فاعلية كما يُعتقد.
أما الشمال وقد وضعته الصرخة الحوثية في أبراج الصمت لتتناهشه الطروحات المتشددة حول الحق المقدس في الحكم، فإنه يتطلع إلى ما وراء الهدنة ولم يخطر بباله بعد الأحداث الكبيرة كيف يمكن الجمع بين إمامة "أنصار الله" وجمهورية النازحين عن الديار، وإنجاب نظام فاقد لذاكرة الدولة الوطنية.
جوهر إعلان الرياض:
على الرغم من التجربة القاسية للسلطة "الشرعية" السابقة ما زال هناك من يحاول اللعب على عقول اليمنيين وخلط الأوراق وتشويش الرؤى تجاه مواجهة استحقاقات هذه المرحلة.
بالمختصر المفيد إعلان الرياض هو تكثيف وتركيز وتوسيع لاتفاق الرياض وجوهره استقرار الجنوب وتحرير الشمال.
لذلك فإن أولى المهام الملحة لكل من المجلس والحكومة ترتبط بأحداث تحسن ملموس ومؤثر في الحياة المعيشية والخدمية والسعرية وحشد الجهود السياسية والدبلوماسية والحربية لتحرير الشمال واستعادة صنعاء سلما أو حربا.
ومن البديهي أن كل هذا يقتضي استقرار الأوضاع في الجنوب عن طريق إبعاد نقاط التوتر الذي ما زالت تشكله القوات المتمركزة في شقرة بمحافظة أبين وفي وادي حضرموت وتوجيه هذه القوات لدعم جبهات الشمال وهذا ينطبق أيضًا على أن تضطلع قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي وقوات الجيش الوطني في مأرب وتعز وججة بمهامها بجدية ووضوح، وإعادة هيكلة وزارات الداخلية والدفاع والإعلام وأجهزة الأمن السياسي والقومي..الخ
مربط الفرس:
يتفق المتابعون للشأن اليمني أن اليمنيين وخاصة في الجنوب يعتبرون التحدي الاقتصادي هو الإختبار الجدي الذي لا يقبل التأجيل للمجلس الرئاسي والحكومة اليمنية والقوى اليمنية...وهناك إجماع إقليمي ودولي يساند هذا الرأي.
حيث أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي أن الإتحاد يشجع جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية لإعطاء الأولوية للإصلاحات الاقتصادية والمالية وتقديم الخدمات للشعب اليمني.
وأشارت إلى أن الإصلاحات والسياسات السليمة الموثوقة الشاملة إلى جانب تحسين الشفافية أمور أساسية لاستعادة ثقة اليمنيين والمجتمع الدولي.