إلى أين وصلت تجارب كوريا الشمالية النووية في 2022؟
هذا العام، وصل التهديد من الترسانة النووية لكوريا الشمالية مرحلة جديدة مثيرة للقلق، بحلول منتصف نوفمبر/تشرين الثاني،
أطلق النظام 63 صاروخا باليستيا، أي أكثر من ضعف سجله السنوي السابق.
وتضمنت التجارب التي أجريت عام 2022 ثماني عمليات إطلاق قياسية لصواريخ باليستية عابرة للقارات، ويحذر المسؤولون الأمريكيون والكوريون الجنوبيون من أن النظام أكمل الاستعدادات لسابع تجربة نووية تنتظر الضوء الأخضر من زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، يعمل كيم جونج أون على مجموعة من الصواريخ الباليستية المصممة لحمل رؤوس حربية نووية لضرب حليفي الولايات المتحدة اليابان وكوريا الجنوبية، وصواريخ ذات مدى أطول يمكنها ضرب القواعد الأمريكية في غوام، بالإضافة إلى صواريخ باليستية عابرة للقارات مصممة لتوجيه ضربة ذرية لنيويورك أو واشنطن.
كما حدث كيم ترسانته من الصواريخ، مبتعدا عن الأنواع المختلفة لصواريخ سكود من الحقبة السوفيتية والتي كانت عنصرا أساسيا لإنتاج صواريخ تعتمد اعتمادا كبيرا على التكنولوجيا المحلية ويمكن تصنيعها رغم العقوبات.
كما يسعى لتحسين التكنولوجيا لتصغير الرؤوس الحربية من أجل ضربات في المنطقة وزيادة قوة الرؤوس الحربية لصاروخ باليستي عابر للقارات.
ويقدر الخبراء بأن كوريا الشمالية جمعت ما بين 40 إلى 50 رأسا نوويا، وهي الأقل بين التسع دول التي تمتلك أسلحة نووية. ومع ذلك، يشير تقدير، من دراسة لعام 2021 لمؤسسة راند ومعهد آسان، إلى أن الرقم قد يصل إلى 116.
ومع ذلك، أخطر تطور في 2022 لا يتعلق بما يمكن أن تستخدمه كوريا الشمالية لإطلاق رأس حربي نووي، بل بتوقيت إجراء ذلك والسبب وراءه، حسب تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
وخلال الشهور الأخيرة، صاغ قادة كوريا الشمالية عقيدة خطيرة جديدة من أجل ترسانتها النووية التكتيكية الآخذة في الاتساع. وعلى عكس صواريخها الاستراتيجية العابرة للقارات، والتي ربما تعتبر ملاذا أخيرا لمنع تغيير النظام، قالت عائلة كيم إن أسلحتها التكتيكية قد تستخدم عند البدء في قتال والفوز في حرب محدودة بشبه الجزيرة الكورية.
وفي عام 2021، أعلن كيم أن النظام نفذ برنامجا ناجحا لتصغير الأسلحة النووية وتخفيفها وجعلها أسلحة تكتيكية، وأن كوريا الشمالية ستواصل جعل الأسلحة النووية أصغر وأخف من أجل مزيد من الاستخدامات التكتيكية.
يمكن أن تشهد العودة إلى التجارب النووية إجراء اختبارات لتصميمات الرؤوس الحربية الجديدة الأصغر حجمًا.
وللإجابة على سؤال "لماذا قد تستخدم كوريا الشمالية سلاحا نوويا؟"، ينقسم معظم الخبراء إلى معسكرين. وتحذر النظرية الأولى من أن النظام قد يستخدم الأسلحة النووية للانتقام من الولايات المتحدة إذا اعتقد أنه يواجه هجوما وجوديا، إما من غزو للحلفاء أو هجوم على كيم.
وتتمثل النظرية الثانية في أن كوريا الشمالية قد تصدر تهديدات نووية في إطار هجوم لإعادة توحيد شبه الجزيرة بالقوة، في محاولة لابتزاز كوريا الجنوبية نحو الاستسلام.
وفي كلتا الحالتين، حسب التحليل، ستتحرك الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لتدمير القوات النووية لكوريا الشمالية وقيادتها قبل أن يتمكنوا من إطلاقها وإنهاء النظام.
وخلال الشهور الأخيرة، لوحت كوريا الشمالية بأنها تنتهج عقيدة ثالثة. ففي أبريل/نيسان، قال كيم إن قواته النووية "لن تقتصر أبدا على المهمة الواحدة لردع الحرب".
وكتبت شقيقته وخليفته المحتملة: "في بداية الحرب، ثبط تماما روح العدو الحربية، وامنع الأعمال العدائية الممتدة، والحفاظ على القدرات العسكرية للبلد."
وبعبارة أخرى، ترى بيونج يانج الآن أسلحتها النووية مفيدة ليس فقط للرد على هجوم، ولكن أيضًا للفوز بصراع محدود. ولا يتطلب هذا المفهوم من كوريا الشمالية أو حلفائها شن هجوم شامل متعمد، لكنه يمكن أن يوجه خطط النظام لأي صراع، بما في ذلك الحرب التي تبدأ بالخطأ أو التي تتصاعد من أزمات صغيرة.
وخلاصة القول، حسب التحليل، قد تؤدي العقيدة الجديدة إلى استخدام نووي إطار مجموعة أوسع من الظروف – وفي وقت مبكر للغاية في الصراع. وتتمثل مهمتهم في منع واشنطن وسول من استخدام قواتهم المتفوقة.
ويعلق النظام آماله على أن الضربات النووية المبكرة قد تحمي قواته التقليدية وقيادته، مما يسمح له بالفوز بحرب كان ليخسرها لولا ذلك.
ورأى التحليل أن فكرة أن سلاح نووي تكتيكي يمكن أن يساعد بلد في السيطرة على التصعيد في أزمة ليست جديدة، ففي أوقات مختلفة اعتمدت روسيا وفرنسا وباكستان والولايات المتحدة على هذه النظرية الخطيرة عندما اعتقدوا أن قواتهم التقليدية كانت أضعف من أن تمنع صراعا.
لكن لماذا تتبنى بيونج يانج هذا المنطق الآن؟ ربما لأن كوريا الشمالية وصلت إلى مرحلة تستطيع فيها قادرة على إنتاج رؤوس حربية مصغرة وصواريخ باليستية متطورة لإيصالها.
ولمنع كوريا الشمالية من استخدام ترسانتها النووية التكتيكية، سيتعين على واشنطن وسول تعديل موقفهما وخططهما؛ حيث لا يمكن للحلف أن يثق في أن المفاهيم الحالية أو الترسانة الإستراتيجية الأمريكية يمكنها إدارة مخاطر التصعيد التي تشكلها عقيدة بيونج يانج الجديدة.
واعتبر التحليل أن القدرات الأهم تتمثل في القوات التقليدية التي تدافع عن كوريا الجنوبية من هجوم، والتماسك السياسي الذي يشير إلى أن النظام لا يستطيع تقسيم التحالف.