الحقائق المغيبة في حرب اليمن
لم يكن الدافع الأساسي للتدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية "لحماية الشعب اليمني" أو "لدعم الشرعية"، بل كان الدافع الأول لتدخل السعودية وانطلاق عاصفة الحزم صبيحة ٢٦ مارس ٢٠١٥م هو حماية أمنها القومي وتأمين حدودها.
ولهذا الطرح ما يبرره من منطق سليم وضرورة موضوعية وملحة.
الحوثيون لم يكتفوا بالسيطرة على صنعاء يوم ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م واجبار الرئيس هادي وحكومة "التوافق الوطني" على تقديم استقالتهما يوم ٢١ يناير ٢٠١٥م، ووضعهما تحت الإقامة الجبرية وإهانة الرئيس في قصره ومنزله الشخصي...كل هذا لم يكن يعط السعودية مبررا كافيا للتدخل العسكري...بل كان المبرر المنطقي والكافي هو استفزاز الحوثيين وتهديهم للمملكة، ليس فقط على حدودها الجنوبية، فحسب، بل وتوعد الحوثيين في "دخول الأراضي المقدسة وحتى العاصمة الرياض دون جوازات سفر".
خطأ استراتيجي
هذا كان الخطأ الاستراتيجي القاتل الذي وقع فيه الحوثيون، لذلك كان وما زال السبب الرئيسي والدافع الأول والأهم لتدخل المملكة يتعلق بأمنها ومصالحها الجيوسياسية.
الخطأ الاستراتيجي الأهم الذي ارتكبه الحوثيون هو غزوهم للجنوب عملا ونزولا عند مطامع إيران التوسعية ونصيحة الرئيس الأسبق - حليفهم حينها والمغدور به لاحقا – علي عبدالله صالح.
توهم الحوثيون أن بامكانهم ابتلاع الجنوب بعد الشمال متناسين أن الجنوب غير الشمال بكل المقاييس الشعبية والسياسية والعقائدية والتاريخية والوطنيه.
فكانت المقاومة الجنوبية الأسطورية في الضالع ثم عدن، فالعند، فأبين...الخ.
كان اللافت في تلك المقاومة أنها انضوت تحت راية دولة الجنوب...حتى تمكنت وبدعم من التحالف العربي من تلقين الحوثيين هزيمة تاريخية ونفسية غير مسبوقة وتحرير الجنوب خلال فترة قياسية صدمت الحوثيين وأحرجت "مقاومة الشمال" وجيشها "الوطني" واثارت ارتياح التحالف العربي واندهاش العالم.
إذا، الحقيقة الناصعة أن الجنوبيين أيضا لم يحملون السلاح من أجل استعادة "الشرعية" اليمنية، فهم يرونها امتدادا لنظام ٧/٧ الاحتلالي الذي غزى الجنوب واحتله عام ١٩٩٤م تحت مظلة "الشرعية" أيضا.
الشرعية
وبالتالي ف "شرعية" ٢٠١٥ بالنسبة للجنوبيين لا تختلف كثيرا عن "شرعية" ١٩٩٤م.
الدافع الأساسي الأول والأخير للجنوبيين مقاومة وشعبا ومجلسا انتقاليا، كان وسيظل استعادة دولة الجنوب العربية الداعمة والشريكة للاقليم الخليجي العربي وفاء لشهداء الجنوب ولتضحيات الجرحى وكفاح الشعب الجنوبي الأبي.
تلك هي الحقائق المغيبة عمدا في وسائل الإعلام الحكومي اليمني والعربي والأجنبي، إلا من رحم ربي.