تفسير سورة الطارق.. معاني بليغة تبرز قدرة الله
تفسير سورة الطارق.. سورة الطارق هي إحدى السور المكية التي تحمل في آياتها 17 مشهدًا يجسد أسلوب القرآن المميز في التأثير على الحس الإنساني.
تفسير سورة الطارق
وتستنهض سورة الطارق القلوب النائمة، داعيةً إلى التفكر في مظاهر الخلق والقدرة الإلهية، وتنقل حقائق كونية وإنسانية بأسلوب بليغ ودقيق.
معاني ومقاصد آيات سورة الطارق
القسم بالسماء والطارق (الآيات 1-4): (وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ (1) وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلطَّارِقُ (2) ٱلنَّجۡمُ ٱلثَّاقِبُ (3) إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ (4))، حيث يبدأ الله سبحانه وتعالى السورة بالقسم بالسماء والطارق، وهو النجم الثاقب الذي يشق الظلام بضوئه، وهذا القسم يلفت الانتباه إلى عظمة خلق السماوات وأجرامها، بما يعكس آيات القدرة الإلهية، ويؤكد أن كل نفس عليها حافظ مكلف من الله، يدون أعمالها ويحصي عليها أفعالها.
خلق الإنسان ومصدره (الآيات 5-7):(فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ (6) يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ (7))، حيث يدعو الله سبحانه وتعالى الإنسان للتفكر في أصله، ويشير إلى حقيقة علمية تتعلق بخلق الإنسان من ماء الرجل والمرأة، في دقة بالغة تسبق اكتشافات العلم الحديث، وتبرز الايات قدرة الله على إخراج هذا الكائن المعقد من أصل بسيط، في إشارة إلى الإبداع الإلهي في الخلق.
قدرة الله على البعث (الآيات 8-10): (إِنَّهُۥ عَلَىٰ رَجۡعِهِۦ لَقَادِرٞ (8) يَوۡمَ تُبۡلَى ٱلسَّرَآئِرُ (9) فَمَا لَهُۥ مِن قُوَّةٖ وَلَا نَاصِرٖ (10))، إذ يؤكد الله سبحانه وتعالى قدرته على إعادة الإنسان للحياة بعد الموت، مشيرًا إلى يوم تبلى فيه السرائر، وتنكشف الخفايا، وفي هذا المشهد، يقف الإنسان مكشوفًا بلا قوة ذاتية ولا نصير خارجي، ما يعزز فكرة العدل الإلهي المطلق في الحساب.
القسم بالسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع (الآيات 11-14): (وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجۡعِ (11) وَٱلۡأَرۡضِ ذَاتِ ٱلصَّدۡعِ (12) إِنَّهُۥ لَقَوۡلٞ فَصۡلٞ (13) وَمَا هُوَ بِٱلۡهَزۡلِ (14))، حيث يقسم الله سبحانه بالسماء التي تعيد المطر إلى الأرض، وبالأرض التي تنشق لتخرج النبات والعيون، للتأكيد على أن القرآن هو قول فاصل بين الحق والباطل والقرآن ليس لهوًا، بل هو رسالة جدية تهدف إلى إصلاح الإنسان وإرشاده إلى الطريق المستقيم.
كيد الكافرين ورد الله عليه (الآيات 15-17): (إِنَّهُمۡ يَكِيدُونَ كَيۡدٗا (15) وَأَكِيدُ كَيۡدٗا (16) فَمَهِّلِ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَمۡهِلۡهُمۡ رُوَيۡدَۢا (17))، إذ تشير الآيات إلى كيد الكافرين ومحاولاتهم لإطفاء نور الله، لكن الله يرد كيدهم في نحورهم، وتطمئن السورة النبي محمد ﷺ وصحابته واتباعه بأن عناية الله معهم، وأن نهايتهم الحتمية ستكون العذاب.