كيف وقعت أوروبا في فخ العقوبات على النفط الروسي؟
أثبت سلاح النفط الروسي أنه الأقوى حتى الآن في حرب العقوبات الأوروبية التي وصفتها صحيفة "ذا هيل" بـ "فخ" وقعت فيه أمريكا وأوروبا.
وقالت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية إن الولايات المتحدة ودولا غربية أخرى وقعت في فخ بسبب العقوبات التي فرضت على روسيا بعد بدء العملية العسكرية في أوكرانيا.
ووفقا للصحيفة فإن العقوبات كانت من المفترض أن تدمر الاقتصاد الروسي فقط، لكنها في الواقع خلقت مشاكل خطيرة لأولئك الذين فرضوها.
ووفق الصحيفة، فلقد تم في البدء تشبيه العقوبات الغربية غير المسبوقة، بقيادة الولايات المتحدة، ضد روسيا بـ "أسلحة الدمار الشامل الاقتصادية" التي ستدمر الاقتصاد الروسي في نهاية المطاف"، ولكن في الواقع أصبحت العقوبات سيفا ذا حدين، فهي تلحق الأذى بروسيا، ولكنها تفرض أيضا تكاليف على مرتكبيها".
وأكدت الصحيفة: "في الواقع، يقع الغرب في فخ، إذ تتسبب العقوبات والصراع المتفاقم، في رفع أسعار السلع والطاقة العالمية، وتؤدي في الحقيقة إلى إيرادات أعلى لموسكو، على الرغم من الانخفاض الكبير في صادراتها. ومن ناحية أخرى فإن ارتفاع الأسعار الدولية، من خلال التضخم، يعني مشاكل سياسية في الداخل لأولئك الذين يقفون وراء العقوبات".
وتابعت الصحيفة أنه في الشهرين الأولين من الحرب في أوكرانيا، فإن أولئك الذين فرضوا العقوبات، في الحقيقة ساعدوا روسيا على مضاعفة إيراداتها تقريبا إلى نحو 62 مليار يورو من بيع الوقود الأحفوري لهم، وفقا لتقرير صادر عن مركز أبحاث مسجل في فنلندا، وهو مركز البحث عن الطاقة والهواء النظيف. إذ أن أكبر 18 مستوردا من روسيا، باستثناء الصين، هم من يفرضون العقوبات، حيث شكل الاتحاد الأوروبي وحده 71% من مشتريات الوقود الروسي في هذه الفترة.
وبلغ إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز والنفط والفحم من روسيا بنحو 44 مليار يورو في فترة الشهرين هذه، مقارنة بنحو 140 مليار يورو لعام 2021 بأكمله.
الحقيقة هي أن روسيا هي أغنى دولة في العالم عندما يتعلق الأمر بالموارد الطبيعية، بما في ذلك كونها من بين أكبر مصدري العالم للغاز الطبيعي واليورانيوم والنيكل والنفط والفحم والألمنيوم والنحاس والقمح والأسمدة والمعادن الثمينة مثل البلاديوم، الذي هو أغلى من الذهب ويستخدم بشكل كبير في المحولات الحفازة ( المحول الحفاز هو جهاز يقلل من الغازات السامة والملوثات في غاز العادم لمحرك الاحتراق الداخلي ويجعل الملوثات أقل سمية).
قال وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني كويتشي هاجيودا اليوم الخميس إن اليابان ستواجه "صعوبة" للتحرك على الفور لخفض واردات النفط الروسية بسبب غزو موسكو لأوكرانيا.
أدلى هاجيودا بتلك التصريحات خلال زيارة لواشنطن بعدما اقترحت المفوضية الأوروبية أشد حزمة عقوبات على روسيا تشمل حظر النفط الروسي.
وقال هاجيودا للصحفيين "نظرا لمحدودية الموارد المتاحة لليابان فإننا سنواجه صعوبة في اتخاذ خطوة على الفور".
وشكلت واردات النفط الروسي 4% من إجمالي واردات النفط اليابانية في السنة المالية الماضية التي انتهت في مارس آذار. وبلغت واردات الغاز الطبيعي من موسكو تسعة بالمئة من إجمالي الواردات اليابانية في حين بلغت واردات الفحم الروسي 11%.
وأفاد ممثل شركة "جازبروم" الروسية بأن طلبات المستهلكين الأوروبيين لتوريد الغاز الطبيعي من روسيا عبر أوكرانيا إلى أوروبا صعدت هذا الأسبوع بنسبة 43%.
كذلك أشارت الشركة الروسية إلى أن مرافق تخزين الغاز تحت الأرض في أوروبا ممتلئة الآن بالمتوسط 34% أما في بولندا فهي ممتلئة بنسبة 80%.
وعلى صعيد متصل، تمت الإشارة إلى أن ألمانيا أوقفت منذ 2 مايو/أيار الجاري الضخ العكسي للغاز الروسي إلى بولندا عبر خط أنابيب "يامال - أوروبا" (مسار لضخ الغاز من روسيا إلى أوروبا).
وكانت روسيا تقوم بضخ الغاز الطبيعي إلى بولندا عبر بيلاروس من خلال خط الأنابيب "يامال - أوروبا"، لكن "جازبروم" أوقفت الإمدادات الأسبوع الماضي بعد رفض وارسو سداد ثمن الغاز الروسي بالروبل.
وعقب ذلك بدأت بولندا بشراء الغاز الروسي من ألمانيا وضخه بشكل عكسي ضمن خط الأنابيب "يامال - أوروبا".
قال المتحدث باسم الحكومة المجرية، زولتان كوفاكس، معلقا على خطط الاتحاد الأوروبي لحظر إمدادات النفط من روسيا، إن المجر ليست مستعدة للتخلي عن أمن الطاقة أبدا.
وأضافت: "نحن لسنا على استعداد للتخلي عن أمن الطاقة في البلاد. هذه ليست قضية سياسية، بل قضية أمن الطاقة".
في وقت سابق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن المفوضية الأوروبية، كجزء من الحزمة السادسة الجديدة من العقوبات ضد روسيا، ستقترح حظر جميع واردات النفط الروسي تدريجيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال كوفاكس في تصريحات لـ "بلومبرج": "لا نرى في الاقتراح الحالي خطة أو ضمانات حتى الفترة الانتقالية لأمن الطاقة، لن نخاطر بأي شيء من شأنه أن يضمن أمن الطاقة في المجر".
رحبت رومانيا بمبادرة إنشاء منصة أوروبية للطاقة للمشتريات المشتركة للغاز من قبل دول الاتحاد الأوروبي.
وقال وزير الطاقة الروماني، فيرغيل بوبيسكو: "أرحب بمبادرة المفوضية الأوروبية لإنشاء منصة أوروبية للطاقة لمشتريات الغاز، والتي ستلعب دور تلبية الطلبات من الدول الأعضاء وإبرام عقود التوريد مع دول ثالثة إلى جانب روسيا".
ووفقا له، فإن رومانيا حددت مصادر وطرق بديلة لإمدادات الغاز لتقليل الاعتماد على الواردات من روسيا.
وأعربت بعض دول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما هنغاريا وسلوفاكيا والتشيك وبلغاريا، عن قلقها بشأن التدابير المقترحة للتخلص التدريجي من النفط من روسيا.
أعربت هنغاريا عن رفضها لخطوة حظر النفط الروسي وقال المتحدث باسم حكومة هنغاريا، زولتان كوفاكس، إن بلاده "ليست مستعدة للتخلي عن أمن الطاقة. هذه ليست قضية سياسية، لكنها قضية أمن طاقة".
بينما قالت جمهورية التشيك، إنها ستدعم الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على استيراد النفط الروسي، بشرط منحها فترة انتقالية من سنتين إلى ثلاث سنوات.
أكد ألفريد شتيرن، رئيس شركة النفط والغاز النمساوية OMV، أن أوروبا ليست مستعدة لفرض حظر على إمدادات الغاز من روسيا، وأن وقف الإمدادات ستكون له تداعيات كبيرة على الصناعة والاقتصاد.
وقال شتيرن في حديث لصحيفة "كورير" النمساوية: "لا أعتقد أننا اليوم جاهزون لفرض حظر، ما لم نكن مستعدين لمواجهة العواقب. هناك أمر يجب فهمه بوضوح، وهو أن توفير الغاز لنا لا يتم من خلال إنتاجه محليا في أوروبا، ولكن من خلال التوريدات من روسيا".
واعتبر رئيس OMV أن وقف الإمدادات ستترتب عليه عواقب واسعة النطاق على الصناعة والاقتصاد.
وقال: "بالطبع، هناك قانون لإدارة الطاقة من شأنه أن يزود المنازل بالتدفئة. وتستهلك الأسر في المتوسط حوالي 20% من الغاز سنويا، ونحتاج إلى حوالي 35% لإنتاج الطاقة وحوالي 40% لتلبية احتياجات الصناعة. نريد الحفاظ على نشاطنا الاقتصادي، لكن هذا لن يكون ممكنا بشكل كامل (في حال حظر الإمدادات من روسيا)".
قال الأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد باركيندو في اجتماع اللجنة الفنية المشتركة لـ "أوبك+" إن روسيا تصدر يوميا أكثر من 7 ملايين برميل من النفط والمنتجات النفطية.
وشدد محمد باركيندو على أن العالم ليس لديه طاقة فائضة لتعويض هذه الكميات، حسبما أفاد مصدر مشارك في الاجتماع لوكالة "تاس" الروسية.
وصرح الأمين العام لمنظمة "أوبك": "من منظور سوق النفط، ما هو واضح هو أن صادرات روسيا من النفط والسوائل الأخرى التي تزيد عن 7 ملايين برميل يوميا لا يمكن تعويضها من أي مكان آخر.. الطاقة الفائضة غير موجودة".
تستعد شركة إيني "Eni SpA" الإيطالية العملاقة للطاقة، لفتح حسابات بالروبل في "جازبروم بنك"، مما اعتبره مراقبون مؤشرًا هامًا على انقسام الجبهة الأوروبية الموحدة ضد موسكو، وفقًا لوكالة "بلومبيرج".
على أي حال، فإن الشركة الإيطالية لم تستخدم الآلية الجديدة بعد، ولم تدفع إلا باليورو حتى الآن. والجولة التالية من المدفوعات ليست مستحقة حتى النصف الثاني من شهر مايو/ أيار.
وقد قالت شركة الطاقة الألمانية لصحيفة Rheinische Post، يوم الخميس الماضي، إن شركة "يونيبر" هي الأخرى، ستحول مدفوعات الغاز الروسي إلى بنك روسي وليس إلى بنك في أوروبا. ونقلت الصحيفة اليومية عن متحدث باسم الشركة الألمانية قوله: إن "الخطة هي جعل مدفوعاتنا باليورو لحساب في روسيا".
إضافةُ إلى ما سبق، قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، نقلا عن أشخاص على دراية بالاستعدادات، إن مجموعة أو.إم.في النمساوية للطاقة، وهي واحدة من أكبر مستوردي الغاز الروسي، تستعد لفتح حسابات بالروبل في "غازبروم بنك" بسويسرا.
وردت الحكومة النمساوية، يوم الأربعاء، بأن شحنات الغاز الطبيعي الروسي إلى البلاد تواصلت دون قيود، ولم يكن هناك ما يشير إلى تغييرها، بينما كانت تسعى جاهدة للعثور على مصادر بديلة.
و قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية مساء الثلاثاء، إن مصافي النفط المستقلة في الصين، باتت أكثر نشاطا في شراء النفط الروسي.
وبحسب الصحيفة، تلقت المصفاة الواقعة في مقاطعة شاندونغ، الحصة الحكومية لاستيراد النفط من روسيا من التجار الحكوميين الصينيين الذين يرفضون توقيع عقود جديدة مع نظرائهم الروس، خوفا من عقوبات الولايات المتحدة.
ووفقا لبيانات سماسرة ومشغلي السفن، فإن مالكي ما لا يقل عن ست ناقلات كبيرة، كل منها قادرة على حمل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط الخام، قد أبرموا اتفاقيات لنقل النفط الروسي من نوع Urals إلى الصين والهند ودول أخرى.
وفي المقابل أعلنت شركة "بريتش بتروليوم" (BP) النفطية البريطانية، أنها تكبدت أكبر خسارة فصلية صافية لها على الإطلاق من جراء انسحابها من الشراكة مع شركة "روس نفط" الروسية.
وقالت الشركة، إن قرارها بالانسحاب من روسيا نتيجة للحرب في أوكرانيا، دفعها إلى المنطقة الحمراء في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، معلنة أن خسائرها بلغت 20.4 مليار دولار في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مارس/أذار، مقارنة بأرباح 4.7 مليار دولار في العام السابق.
قالت وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية باربرا بومبيلي اليوم الخميس إنها واثقة من أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستتوصل إلى توافق حول حظر واردات النفط الروسية بحلول خلال أيام.
وقالت لراديو فرانس إنفو "بعض الدول تعتمد على النفط الروسي أكثر من غيرها لذا يجب أن نحاول إيجاد حلول حتى تتمكن من الانضمام إلى هذه العقوبات... لكن يتعين علينا القيام بذلك".
رفضت لجنة السوق المالية ورأس المال في جمهورية لاتفيا إصدار تصريح خاص لشركة "لاتفيا غاز" لدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل.
ونقلت وكالة أنباء لاتفيا عن اللجنة أن إصدار مثل هذا القرار أمر غير ممكن، إذا كان الإذن مطلوبا للمعاملات مع مؤسسة ائتمانية روسية، لا تخضع لإشراف ومراقبة اللجنة.
بالإضافة إلى ذلك، قالت اللجنة إن موقف المفوضية الأوروبية يرى بأن الحصول على الغاز الروسي ممكن الآن إذا تم ذلك في إطار الاتفاقات القائمة وشروطها (أي الدفع باليورو أو الدولار)، مشيرة إلى أن الاحتمالات الأخرى لم يتم النظر فيها حاليا، غير ممكنة وتعتبر محاولات للالتفاف على العقوبات".
وفي وقت سابق، قالت إدارة "لاتفيا غاز" إن "إجراء دفع ثمن الغاز بالروبل الروسي لا ينتهك نظام العقوبات وهو ممكن".
وأعلنت شركة جازبروم الروسية وقف تصدير الغاز إلى بولندا وبلغاريا، أو عبر أراضيهما إلى دول أوروبية أخرى، ما يعني حرمان هذه الدول من أحد مصادر الطاقة الهامة، بعد رفضهم سداد مدفوعات الغاز الروسي بالروبل.
رجح وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أن يواجه شرق ألمانيا نقصا في البنزين، بسبب الحظر المفروض على النفط الروسي، مشيرا إلى أن السلطات تعمل على ضمان عدم حدوث ذلك.
وقال هابيك لقناة RTL Direkt: "لسوء الحظ، لا يمكن استبعاد أنه سيكون هناك بالفعل نقص. يمكننا حل هذا، ولكن قد يحدث أنه لفترة محدودة من الوقت سيكون هناك القليل جدا من النفط، وبالتالي سيكون هناك القليل جدا من البنزين. لا يمكن استبعاد هذا"، مضيفا: "بالطبع نحن نعمل لضمان عدم حدوث ذلك".
ويعتمد شرق ألمانيا على المصفاة في مدينة شويدت، والتي تستخدم النفط الروسي.