دوافع تسارع وتيرة التقارب التركي الإسرائيلي
التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، في نيويورك يوم الثلاثاء20/9، في أول لقاء قمة بين قادة البلدين منذ سنوات، ويتوج اللقاء مسارا من خطوات تحسين العلاقات بين البلدين.
هذا الاجتماع هو الأول بينهما منذ الإعلان عن إعادة التمثيل الدبلوماسي الكامل وعودة السفراء والقناصل العامين إلى إسرائيل وتركيا، حيث كانت العلاقات بين البلدين قد شهدت تقاربا ملحوظا مؤخرًا.
ففي 17 أغسطس أعلن عن قيام إسرائيل وتركيا بتطبيع العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء. وقبل 4 أسابيع، أعلنت إسرائيل وتركيا التطبيع الكامل بينهما، بعودة العلاقات الدبلوماسية إلى أعلى مستوى، وتعيين سفراء وقناصل بعد أكثر من 4 سنوات كان مستوى العلاقات فيها منخفضًا.
وقبيل الإعلان، وقع البلدان اتفاقية طيران ستسمح بتجديد رحلات الخطوط الجوية الإسرائيلية إلى تركيا، بعد سنوات عديدة كانت فيها الرحلات الجوية بين البلدين تديرها شركات طيران تركية فقط.
مصالح متبادلة
بالنسبة للحكومة التركية فإن قرارها بوقف التصعيد مع إسرائيل والقوى الإقليمية الأخرى يخدم مصالحها بشكل أفضل حيث أنها تواجه مشاكل اقتصادية في الداخل وتركز على مخاوف الأمن القومي الأساسية.
ومن أهم العوامل التي تدفع إلى التقارب بين تركيا وإسرائيل الغاز الطبيعي، الذي اكتشفته إسرائيل قبالة سواحلها في عام 2010. ومن بين الأماكن التي ترغب إسرائيل في بيع هذا الغاز فيها أوروبا. والطريقة الأكثر جدوى اقتصاديًا لإيصال الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا هي عبر تركيا.
وبعد أن سحبت إدارة بايدن فجأة الدعم الأمريكي لخط أنابيب "إيست ميد" شرق البحر المتوسط، الذي يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى الأسواق الأوروبية، أشاد أردوغان بالخطوة الأمريكية ووصفها بـ "انتصار" وقال: "إذا كان للغاز الإسرائيلي أن يصل إلى أوروبا، فلا يمكن أن يتم ذلك إلا عبر تركيا... يمكننا الجلوس والتحدث عن الشروط".
تحسين العلاقات
أما الباحث والمحلل الأمريكي سورين كيرن، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي، فقد اعتبر أن سحب الدعم الأمريكي من خط أنابيب "إيست ميد" الذي يوصف بأنه "قرار كارثي.. وخطأ استراتيجي.. واسترضاء" لأردوغان، يمثل انتصارًا جيوسياسيًا كبيرًا لـ "رجل تركيا".
ومشروع "إيست ميد"، الذي وقعته إسرائيل واليونان وقبرص في بداية 2020 بدعم قوي من إدارة ترامب، كان من المقرر استكماله بحلول عام 2025 ليوفر في نهاية المطاف ما يصل إلى 10% من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي. وهذا ما دفع المفوضية الأوروبية إلى إدراج "إيست ميد" في قائمتها لما يسمى بـ "مشاريع المصالح المشتركة"، وهي مشاريع الطاقة ذات الأولوية عبر الحدود والتي تهدف إلى دمج البنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي. ولطالما أعرب مسؤولون أوروبيون عن أملهم في أن يخفض الغاز الإسرائيلي من اعتمادهم على الغاز الروسي، ولذلك فإن أي اتفاق إسرائيلي تركي محتمل حول تصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا سيكون محط اهتمام للأوروبيين أيضًا.
إلى جانب هذا يسعى النظام التركي إلى تحسين العلاقات مع خصومه السابقين على أمل أن يساعد ذلك في تحسين الاقتصاد التركي المتعثر من خلال الاستثمار ومقايضة العملات.
وخلال سنوات التوتر بين إسرائيل وتركيا، تحسنت علاقات إسرائيل مع قبرص واليونان بشكل كبير. حيث تم تعميق التعاون الدبلوماسي والاقتصادي والأمني. زادت السياحة بسرعة حيث تخلى الإسرائيليون عن ساحل البحر المتوسط التركي لصالح قبرص والجزر اليونانية. تدرب الجيش الإسرائيلي مع نظرائه القبارصة واليونانيين.