الإستراتيجية العربية في مواجهة الأخطار الإقليمية والدولية
ثلاث دول إقليمية لها خلافاتها وصراعاتها مع بعضها البعض... وفي نفس الوقت لها جميعها مطامع توسعية ومواقف عدوانية تجاه العرب شعوبا ودولًا... هذه الدول الثلاث هي إيران، إسرائيل وتركيا.
فيما يتصل بايران وهي موضوعنا، ورغم تقلبات الموقف الأمريكي... شكل إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإستراتيجية التعامل مع إيران، تنبيهًا للعالم كله بما يمثله النظام الإيراني من خطر إرهابي وتهديد لأمن واستقرار المنطقة والعالم.
السؤال الذي يطرح نفسه بصراحة ووضوح هو: وأين هي الإستراتيجية العربية في مواجهة إيران وأخطارها على دول المنطقة؟
الخطر الإيراني الذي يرقى إلى مستوى التهديد الاستراتيجي على العرب يتمثل في الحقائق التالية:
1 - إن الخطر الذي يمثله النظام الإيراني هو خطر يهدد العرب في المقام الأول، قبل أن يهدد أي أحد آخر في العالم سواء أمريكا أو اسرائيل أو غيرهما.الدول العربية هي التي دفعت وتدفع الثمن الفادح للإرهاب الإيراني والعدوان الذي تمارسه على الدول العربية...من العراق، إلى سورية، إلى اليمن، إلى لبنان، إلى خطر الجماعات الطائفية الإرهابية التي تدعمها إيران بالمال والسلاح والتدريب في البحرين وغيرها.
2 – عبء مواجهة هذا الخطر الإيراني والقضاء عليه وحماية الدول العربية، يقع على عاتق الدول العربية في المقام الأول، ولن يقع على عاتق أمريكا أو غيرها... إذ أن موقف الإدارة الأمريكية ودورها في مواجهة إيران، مهما كان إيجابيا، يجب النظر إليه على أنه مجرد عامل مساعد في المواجهة التي تخوضها الدول العربية مع النظام الإيراني ومشروعه التوسعي.
يجب أن يدرك العرب في كل الأحوال أنه في نهاية المطاف، فإن أمريكا لن تقضي على الخطر الإيراني بالنيابة عنهم، بل قد توظف ذلك ضد العرب ابتزازا ومقايضة.
3 – أكثر من هذا، يجب أن يضع في حساباتهم أنه بشكل عام، إذا كان الموقف الأمريكي إيجابيا في عهد ترامب، فإن الدول الغربية يمكن أن تتعايش في نهاية المطاف مع إيران ومع وجودها العدواني في الدول العربية. وهي بالفعل تتعايش مع إيران اليوم..
صحيح أن الرئيس ترامب قدم للدول العربية خدمة كبرى، ترامب أنهى أولا مرحلة التواطؤ الأمريكي العلني مع إيران ومشروعها في عهد أوباما. وترامب ثانيا بمواقفه الحازمة من إيران أوجد مناخا عاما مواتيا لمواجهة إيران ومشروعها، وتبنى موقفا أمريكيا داعما بقوة للدول العربية... لكن بايدن انقلب على كل ذلك وأعاد الأمور إلى ما كنت عليه في عهد أوباما وأسوأ.
وعودة إلى السؤال: هل تملك الدول العربية إستراتيجية محددة لمواجهة الخطر الإيراني والقضاء عليه؟
الإستراتيجية تعني أن يكون هناك موقف عربي موحد، أو على الأقل تجمع عليه الدول العربية الرئيسية التي تتحمل عبء مواجهة إيران، وتعني وجود سياسات واضحة، وتعني وجود خطط عملية مدروسة للمواجهة ولإنهاء الخطر.
هل تملك الدول العربية خطة موحدة واضحة مثلا لإخراج إيران من العراق وسورية واليمن ولبنان؟.. هل تملك خطة لقطع أذرع إيران الإرهابية في المنطقة المتمثلة في القوى والجماعات العميلة لها وأخطرها حاليا جماعة الحوثيين؟.
حسب ما نتابع من مواقف وسياسات عربية، من الصعب أن نقول إن مثل هذه الإستراتيجية العربية موجودة الآن.
الظروف مواتية كي تبادر الدول العربية نفسها إلى وضع إستراتيجية وخطط شاملة تشرع في تنفيذها في مواجهة النظام الإيراني، وسعيا إلى إنهاء الخطر الداهم الذي يمثله على دولنا، وإن لم تفعل الدول العربية هذا، فإن هذه الظروف المواتية يمكن أن تنتهي في أي وقت، وستكون قد أضاعت فرصة كبرى متاحة اليوم.