حدود السياسة الأمريكية في التعامل مع الحوثيين
لا تزال ميليشيات الحوثي تشكل أزمة سياسية كبيرة في مناطق اليمن كافة، لكن ما يبعث على الاهتمام والمتابعة طبيعة الدور الأمريكي في التعامل مع الحوثيين كقوة تفاوضية، فضلًا عن البحث في حدود السياسة الأمريكية في التعامل مع تلك الميليشيات المسلحة بين قرارات إداراجها على قوائم الإرهاب أو رفعها من تلك القوائم بناء على السياسات الأمريكية.
من هم الحوثيون؟
حركة الحوثيين حركة دينية عنصرية متطرفة استولت على اليمن الشمالية بدءا من أواخر ٢٠١٤م بقوة السلاح (بدعم من إيران).
وفي مارس من عام ٢٠١٥م غزت الحركة عدن ومحافظات الجنوب المجاورة لها بدعم من قوات الرئيس الأسبق علي صالح... لكن المقاومة الجنوبية وبدعم التحالف العربي حررت الجنوب بشكل عام في خلال مدة وجيزة بينما ظلت الشمال بما في ذلك المناطق التي كانت قد تحررت بداية ٢٠١٦م، ظلت تحت قبضة الحوثيين.
تشكل هذه الحركة تهديدًا خطيرًا للأمن الخليجي والعربي. وعرفت هذه الحركة إعلاميًا وسياسيًا باسم الحوثيين نسبة إلى مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي ووالده... ويقود الحركة منذ ٢٠٠٦ عبدالملك بدر الدين الحوثي.
تأسست الحركة عام ١٩٩٢م باسم "حركة الشباب المؤمن" ثم عرفت باسم الحوثيين، إلى أن غير الحوثيون تسميتها عشية مؤتمر الحوار الوطني ٢٠١٣م إلى "حركة أنصار الله".
حركة إرهابية
صنفت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وماليزيا جماعة الحوثيين على أنها «منظمة إرهابية»، وفي ديسمبر 2020 ذكر بعض المسؤولين الأمريكيين عزم الولايات المتحدة تصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية. وتم فعلا تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في 11 يناير 2021 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو، ولقي ذلك ترحيب واسع من قبل دول التحالف بقيادة السعودية والحكومة الشرعية.
لكن الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة بايدن، وفي أول أيامها، ألغت قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، بل وأوقفت الدعم الاستخباراتي الذي كانت تقدمه لعمليات التحالف العربي في اليمن كما ألغت صفقات السلاح الأمريكية للسعودية والإمارات... وتحولت الولايات المتحدة إلى لعب دور الوسيط لإيقاف الحرب... وهو ما صب في صالح الحوثيين.
تقاطع وتنافر
يرفع الحوثيون شعارًا مستفزًا يدعو بالموت لأميركا، ومع ذلك الولايات المتحدة مهتمة فقط بالتنظيمات الجهادية السلفية في اليمن أكثر من أي شيء أخر.
الأميركيون يعتبرون أن الحوثيين ليسوا منظمة إرهابية عابرة للقارات والقوميات، والحوثيون لم يستهدفوا مصالح أميركية ويدرك الأميركيون أنهم يشاركونهم العداء للمتطرفين السنة المتوسعين في المنطقة.
لكن الحرب في المنطقة أثبتت أن حركة الحوثيين أكبر مهدد ومستنزف لموارد وطاقات الدولة والملاحة الدولية أكثر من أي فصيل آخر نشط في اليمن. لذلك يحرص الأميركيون على إيقاف الصراع وحث الحكومة اليمنية على تقبل الحوثيين كممثلين سياسيين وتركيز جهودها لتطهير البلاد من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب - وهي جهود ضئيلة للغاية من الجانب اليمني الحكومي - وعمليات القرصنة الصومالية في بحر العرب وخليج عدن.
ومن ناحية أخرى فإن سياسة قصف الطائرات دون طيار التي بدأت منذ عام 2002 لقيت معارضة واسعة من مختلف مراكز القوى في اليمن.
ولم تجد الولايات شريك ذات مصداقية في مكافحة الارهاب سوى المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته التي حققت نجاحات ملموسة في هذا المجال بدعم من التحالف العربي.
مفاوضات سرية
مثلما تجرى مفاوضات سرية بين الحوثيين والسعودية بوساطة عمانية...تجرى كذلك مفاوضات أمريكية حوثية ومفاوضات سعودية بوساطة عراقية.
تعتبر الولايات المتحدة أن تعاملها مع الحوثيين يمكن أن يبعدهم تدريجيًا عن إيران وهذا غير وارد على الأقل في الظروف الراهنة.