جنوب اليمن يحدد موقفه من خارطة الطريق الأممية

جنوب اليمن يحدد موقفه
جنوب اليمن يحدد موقفه من خارطة الطريق الأممية

في خطوة تعكس التلاحم بين القيادة والشعب في الجنوب، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي رفضه القاطع لخارطة الطريق التي طرحتها الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن والتي تمهد لشرعنة الحوثيين ومنحهم العديد من الامتيازات على حساب الجنوب الذي يرفض شعبه القبول بأي حلول تنتقص من حقه في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية.

 

هذا الموقف الحازم لم يكن مجرد قرار سياسي، بل جاء مدعومًا بتأييد شعبي واسع، مما أضفى عليه قوة وزخمًا كبيرًا حيث يعتبر موقف المجلس الانتقالي الجنوبي من خارطة الطريق ترجمة لموقف ملايين الجنوبيين الذي يقفون خلف المجلس الانتقالي الجنوبي بعد أن فوضوه لتمثيل الجنوب في كل المفاوضات الهادفة لحل الأزمة اليمنية التي تقترب من عامها العاشر وسط أزمة إنسانية كارثية.


حيث تضمنت خارطة الطريق الأممية مقترحات أثارت جدلًا واسعًا من أبرزها


شرعنة جماعة الحوثي: ومنحها وضعًا سياسيًا في المستقبل اليمني، وهو ما اعتبره الجنوبيون تجاوزًا لحقوقهم والتفافًا على القضية الجنوبية التي ضحى الشعب الجنوبي في سبيلها بعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى،وتعرض لحروب شرسة شنها الحوثيين ونظام الاحتلال اليمني دمرت خلالها المدن الجنوبية وقتل الآلاف من المواطنين وعانى الملايين ضروفًا إنسانية صعبة بسبب سياسة التجويع الممنهجة التي نفذتها القوى التي يحاول المجتمع الدولي شرعنتها اليوم وتسليم الجنوب المحرر لقمة صائغة لقوى سبق وأن طردها الجنوبيين بالقوة وتحاول العودة إلى الجنوب عبر خارطة الطريق الأممية.


تقترح خارطة الطريق الأممية لحل الأزمة اليمنية توزيع عائدات النفط والغاز بين جميع الأطراف، بما في ذلك جماعة الحوثي وبقية القوى اليمنية المنضوية تحت مظلة ما تسمى بالحكومة الشرعية مما يُعد تعديًاعلى حقوق الجنوب،ومنح مقدرات الشعب الجنوبي لقوى محتلة تورطت طوال عقود من الإحتلال في نهب ثروات الجنوب وتقاسم إيراداته في الوقت الذي يعيش فيه ملايين الجنوبيين تحت خط الفقر ويفتقرون لأدنى مقومات الحياة.
كشف تقرير اللجنة التي شكلها الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح برئاسة عبد القادر هلال والدكتور صالح باصرة للتحقيق في المظالم التي رفعها الشعب الجنوبي أثناء انطلاق الحراك السلمي الجنوبي عن فساد مريع مارسته قوى نافذة في الجنوب بما فيه الرئيس صالح نفسه.

تقرير اللجنة أكد أن نافذون يمنيون استولوا على العديد من القطاعات النفطية في حضرموت وشبوة ووجهوا عائداتها إلى حسابات شخصية كما احتكروا فرص العمل في الشركات النفطية ومنحها للشماليين في الوقت الذي يعاني فيه آلاف الشباب في الجنوب البطالة وندرة فرص العمل.

احتكرت هذه القوى الشمالية فرص تقديم الخدمات اللوجستية للشركات النفطية العاملة في الجنوب،حيث أسست هذه القوى الفاسدة شركات تعاقدت مع الشركات الأجنبية لتوفير خدمات التغذية والنقل والأمن وإبعاد الجنوبيين بشكل كامل عن هذه المنافسة في تقديم هذه الخدمات.

تجاهلت الخارطة الأممية لحل الأزمة اليمنية قضية الجنوب بشكل صارخ ولم تعط أهمية كافية لقضية الجنوب وتطلعات شعبه،محاولة دفعه إلى المشاركة في تسويات لا تلبي حقوقه المشروعة ومتجاهلة كل التضحيات التي قدمها في سبيل تقرير مصيره التي تكفله كل القوانين الأممية والشرائع الدولية.

يدرك المجتمع الإقليمي والدولي أن الشعب في الجنوب يرفض رفضًا قاطعًا القبول بدخول الجنوب في شراكه مع الحوثيين أو القوى اليمنية الأخرى ورغم ذلك تواصل الأطراف المعنية بالملف اليمني مناقشة صيغ هذه الشراكة رغم إدراكها لتضاؤل فرص نجاحها،وصعوبة تحقيقها بسبب الخلافات العميقة بين القوى اليمنية والمجلس الانتقالي الممثل الشرعي لشعب الجنوب.

منذ اللحظة الأولى لإعلان الحرب على الجنوب في صيف 94م واجه الشعب الجنوبي نظام الاحتلال اليمني بشراسة ودفع الآلاف من المواطنين الجنوبيين حياتهم وهم يحاولون التصدي لجحافل المحتل والقوى المتطرفة التي ساندته في حربه البربرية على الجنوب.
رغم القمع والإرهاب الذي مارسه الاحتلال في الجنوب منذ سقوطه في 7 يوليو 94م ظلت شرارة المقاومة الجنوبية مشتعلة،وخلال التسعينات تأسست العديد من حركات المقاومة الجنوبية كحركة المقاومة الوطنية الجنوبية(موج) وحركة تقرير المصير(حتم) والتي كان يقودها الرئيس عيدروس الزبيدي،واستطاعت هذه الحركة أن توجه ضربات موجعة للاحتلال الذي ظن أن الجنوب قد تم ابتلاعه ولم يبق سوى هضمه حسب تعبير وزير خارجية الاحتلال اليمني انذاك عبد الكريم الإرياني.
في العام 2006 تفجرت شرارة الثورة الجنوبية السلمية أو ما يعرف بالحراك الجنوبي وقد واجه الاحتلال اليمني تظاهرات الجنوبيين بالقوة المفرطة حيث قتل الآلاف من المتظاهرين واقتحم جنود الاحتلال المدن والمنازل واعتقل الآلاف الأمر الذي عمق الهوة ووحد الجنوبيين خلف هدف واحد متمثل في استعادة الدولة الجنوبية.
جاءت حرب2015 والتي شنتها مليشيات الحوثي والرئيس الأسبق صالح لتدق المسمار الأخير في نعش الوحدة.
تمكن الجنوبيين بعد معارك طاحنة من تحرير بلدهم وطرد الاحتلال،لكن الشراكة الجنوبية مع التحالف العربي أعاقت إعلان الاستقلال حتى اللحظة.

اتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة اللواء عيدروس الزُبيدي، موقفًا واضحًا برفض مناقشة الخارطة المقترحة، واعتبرها محاولة لفرض واقع سياسي جديد يتناقض مع تطلعات شعب الجنوب.

 

في تصريح للدكتور ناصر الخبجي، عضو المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيس الهيئة السياسية للمجلس، أكد أن "الخيارات كلها متاحة" أمام المجلس، وأن أي عملية سياسية لا تتضمن القضية الجنوبية "لا تخصنا".


الخبجي شدد على إلتزام المجلس بالدفاع عن حق الشعب الجنوبي ورفض أي خطوات تتعارض مع توجهاته بقوله
"نحن ملتزمون بالدفاع عن حقوق شعب الجنوب ولن نقبل بأي اتفاق يمس إرادتنا الوطنية أو يسمح بتقاسم ثرواتنا مع جماعة انقلابية".

لم يكن موقف المجلس الانتقالي الجنوبي منعزلًا عن القاعدة الشعبية، بل حظي بتأييد واسع من قبل المواطنين في الجنوب.

 

"نحن، شعب الجنوب، نعرف طريقنا جيدًا، وليس بوسع أي جهة أن توجهنا إلى طريق غير طريقنا."
جاء هذا التصريح من الدكتور عبيد البري، عضو القيادة المحلية لانتقالي عدن، معبرًا عن رفض الشعب الجنوبي لأي خارطة طريق لا تتماشى مع تطلعاتهم.

 

هذا التأييد الشعبي يعكس وحدة الصف الجنوبي ورفضه لأي حلول تتجاهل حقوقه وتطلعاته المشروعة،كما يضع المجلس الانتقالي الجنوبي في وضع قوي ويمكنه من الوقوف أمام أي محاولة لفرض حلول لا تتماشى مع الوضع في الجنوب أو تتعارض مع تطلعات شعبه إلى الحرية والاستقلال.

 

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1