إطلاق نار وإدانات دولية.. ماذا يحدث في غينيا بيساو؟
شهدت القارة السمراء العديد من الأحداث السياسية الساخنة في الفترة الأخيرة، والتي كان آخرها محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة في غينيا بيساو، والتي تعاني من حالة عدم الاستقرار السياسي منذ عقود.
وتعاني غينيا بيساو الواقعة في غرب إفريقيا، والتي يسكنها مليونا نسمة، من عمليات فساد مستشر، رغم أنها تعاني من ديون خارجية ضخمة واقتصاد يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
ولكن تحولت دولة غينيا بيساو، إلى نقطة عبور للمخدرات من أمريكا اللاتينية، ما أدى إلى وصفها من قبل البعض بأنها "أول دولة مخدرات في إفريقيا"، حيث اشتهرت بكونها مركزًا في تجارة الكوكايين بين أمريكا اللاتينية وأوروبا.
وفي عصر أمس الثلاثاء، شهد محيط القصر الرئاسي في عاصمة غينيا بيساو، سماع دوي إطلاق نار، مما أثار تخوّفات من محاولة انقلاب في البلد الواقع على الحدود مع السنغال وغينيا.
وأكد مصدر دبلوماسي أنه قد شُوهد مسلحون يحاصرون مقر الحكومة، وبداخله الرئيس عمر سيسوكو إمبالو ورئيس الوزراء نونو جوميز نابيام، خلال مشاركتهم في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، والتي انطلقت في حوالي الساعة العاشرة صباحا، للتحضير لقمة إيكواس المقبلة، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وطلب المسلّحون المنتشرون بمحيط مقر الحكومة في ضاحية المدينة قرب المطار، من الناس الابتعاد، حيث أشهر مسلّحا سلاحا في وجهه طالبا منه مغادرة المكان.
كما شهدت المناطق المحيطة فرارًا للسكان وخلت الأسواق من المارة وأقفلت المصارف أبوابها، بينما تجوب مركبات عسكرية الشوارع.
وأفاد مصدر أمني لوكالة رويترز الإخبارية، أن هناك مصابين، فيما قال مصدر ثان إن شخصين قتلا، لكن لم يتضح ما إذا كانا من قوات الأمن أم من الذين شنوا الهجوم.
وكانت إذ نجحت المحاولة الانقلابية كانت ستكون غينيا بيساو، مع موعد لخامس انقلاب تشهده المنطقة في أقلّ من عامين.
وذكرت مصادر صحفية، أن العلاقة بين الرئيس إمبالو ورئيس وزرائه نونو جوميز نبيام، لم تكن على ما يرام منذ أسابيع، بعدما أعرب رئيس الوزراء معارضته لتعديل طفيف للحكومة الأسبوع الماضي، تم فيه استبدال عدد قليل من الوزراء.
ومنذ بداية عام 2020، تولى الجنرال السابق عمر سيسوكو إمبالو رئاسة الدولة، بعد فوزه بانتخابات رئاسية لا تزال نتيجتها موضع نزاع من قبل الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا والرأس الأخضر.
وبعد ساعات من أنباء حدوث محاولة الانقلاب، خرج رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو، في خطاب ألقاه إلى الأمة، معلنا أن الوضع أصبح تحت السيطرة.
وأضاف الرئيس إمبالو، أن المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد أوقعت قتلى والعديد من الجرحى، مشيرًا إلى أنه كان بإمكان المنفّذين أن يتحدّثوا إليّ قبل هذه الأحداث الدامية التي أوقعت العديد من المصابين بجروح بالغة وقتلى.
وتابع أن دوافع المحاولة الانقلابية قرارات كان قد اتّخذها، خاصة فيما يتعلق بمكافحة المخدّرات والفساد.
وأردف: "أشكر شعب غينيا بيساو وجميع الأشخاص خارج بلادنا المهتمين بحكومتي وشخصي.. عاشت الجمهورية والله يحرس غينيا بيساو".
وظهر عمر سيسوكو إمبالو، خلال خطابه محاطا بعسكريين داخل غرفة مكتب، وكشفت الصور جلوس إمبالو، داخل إحدى غرف الاجتماعات وهو يشير بيده وسط الحاضرين الذين يبدو أنهم يسمعون له في إنصات.
ومن جانبها، نشرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (إيكواس)، والتي تضم 15دولة في غرب إفريقيا، والاتحاد الأفريقي، بيانا على شبكات التواصل الاجتماعي، تدين وتشجب خلاله محاولة الانقلاب وتحمل العسكريين مسؤولية سلامة الرئيس عمر سيسوكو إمبالو وأعضاء حكومته.
كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن قلقه للغاية من التقارير التي تتحدث عن قتال عنيف في غينيا بيساو، داعيًا إلى الوقف الفوري للقتال والاحترام الكامل للمؤسسات الديمقراطية في البلاد.
وشهدت القارة الأفريقية منذ استقلال معظم دولها من الاستعمار الغربي، في ستينيات القرن الماضي، نحو 203 انقلابات، كان آخرها انقلاب بوركينا فاسو.
وقبل أيام، كان قد أعلن عسكريون في بوركينا فاسو، عن إطاحتهم بالرئيس روك مارك كابوري، واستيلائهم على السلطة في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، وذلك في انقلاب قاده الكولونيل بول هنري سانداوغو داميبا، باسم حركة أطلقت على نفسها الحركة الوطنية للحماية والاستعادة.
وقال بيان الانقلاب الذي تلاه الجنود على التلفزيون الرسمي البوركينابي، إنه جرى حل البرلمان والحكومة، واعدًا بعودة إلى النظام الدستوري في غضون فترة زمنية معقولة، فيما ظل مصير الرئيس كابوري مجهولًا، بعدما أكدت مصادر أمنية من وقوعه في قبضة الانقلابيين.
وتعتبر بوركينا فاسو، أحد أكثر الدول الإفريقية تعرضًا للانقلابات العسكرية في تاريخها، حيث يعد الانقلاب هو الثامن منذ استقلال البلاد عن الحكم الفرنسي، والخامس في القارة السمراء خلال أقل من سنة، في إحدى السنوات الأكثر اضطرابًا للأوضاع السياسية، خصوصًا في منطقة الساحل وغرب القارة.
وبلغ متوسط محاولات الانقلاب في إفريقيا، في العقود الأربعة بين عامي 1960 و2000، بشكل ثابتا بنحو 4 محاولات سنويا، ومنذ ذلك الحين، انخفض المتوسط إلى نحو محاولتين كل عام.