لماذا يخشى الرئيس الأمريكي الإنخراط عسكريًا في الحرب الروسية الأوكرانية؟
مع نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، إتجهت الأنظار إلى الموقف الأمريكي من تلك الحرب وطبيعة الدعم الأمريكي لأوكرانيا، حيث خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب متلفز مساء يوم الإجتياح الروسي لأوكرانيا، وأعلن فرض عقوبات إقتصادية قاسية على الجانب الروسي.
وقد تسائل البعض حول مسألة الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا، أو التدخل العسكري البري بجنود أمريكان في أوكرانيا لحمايتها من التوغل العسكري الروسي، إذ إعتبر محللون أن هناك العديد من الأسباب التي تمنع الرئيس الأمريكي من الإنخراط عسكريًا بشكل كامل في الأزمة الأوكرانية مع روسيا.
ومن أبرز تلك الأسباب، أنه ليس هناك مصالح أمن قومي للجانب الأمريكي قد تتأثر نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، فأوكرانيا ليست في دول الجوار الأميركي، ولا تقع على حدود الولايات المتحدة، كما أنها لا تستضيف قاعدة عسكرية أميركية، وليس لديها احتياطيات نفطية استراتيجية، وهي ليست شريكا تجاريا رئيسيا.
ويعزو خبراء السبب الثاني إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يمارس التدخل العسكري، وهذا له علاقة بميول الرئيس بايدن "غير التدخلية"، والتي نمت معه مع مرور الوقت، فقد أيد العمل العسكري الأميركي في التسعينيات للتعامل مع الصراعات العرقية في البلقان، وصوت لصالح الغزو الأميركي للعراق عام 2003، لكن منذ ذلك الحين أصبح أكثر حذرًا في استخدام القوة العسكرية الأميركية.
وبالعكس، فقد عارض تدخل أوباما في ليبيا وكذلك زيادة القوات في أفغانستان، وهو يدافع بحزم عن أمره بسحب القوات الأميركية من أفغانستان العام الماضي رغم الفوضى التي صاحبت تلك الخطوة والكارثة الإنسانية التي خلفتها.
أما السبب الثالث فيتمثل في أن رغبة الشعب الأمريكي في الأساس ضد الحرب، حيث أظهر استطلاع حديث أجرته "AP-NORC" أن 72% قالوا إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تلعب دورا ثانويا في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، أو لا تلعب أي دور على الإطلاق. فهم يفضلون التركيز على القضايا الاقتصادية، لا سيما ارتفاع التضخم، وهو أمر يجب على بايدن أن ينتبه إليه مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية.
ويعزو خبراء السبب الرابع إلى أن التدخل العسكري قد ينذر بخطر المواجهة النووية بين القوى العظمى، ومخاوف من مخزون بوتين من الرؤوس الحربية النووية. فالرئيس بايدن لا يريد إشعال "حرب عالمية" بالمخاطرة بصدام مباشر بين القوات الأميركية والروسية في أوكرانيا، إذ قال بايدن لشبكة "إن بي سي" NBC في وقت سابق من هذا الشهر: "ليس الأمر وكأننا نتعامل مع منظمة إرهابية.. نحن نتعامل مع واحد من أكبر الجيوش في العالم، هذا وضع صعب للغاية، والأمور يمكن أن تسوء بسرعة".
كما تشير التقديرات إلى أن السبب الخامس يتمثل في أنه لا توجد مسؤوليات المعاهدة، ولا توجد التزامات بموجب معاهدة تجبر الولايات المتحدة الأميركية على المخاطرة، في حين أن الهجوم على أي دولة من دول الناتو هو هجوم ضد الجميع، حيث إن الالتزام التأسيسي للمادة 5 يلزم جميع الأعضاء بالدفاع عن بعضهم بعضا، لكن أوكرانيا ليست عضوا في الناتو.