خبير يُفجر مفاجآة: 15 مليار دولار خسائر السودان بسبب الحرب
قدر أبوبكر الديب الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوداني جراء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع بما لا يقل عن 15 مليار دولار.
وأوضح أبوبكر الديب، أن السودان ينزف والصراع يقترب من اللاعودة والوضع الإنساني يزداد قسوة مع استمرار الحرب بين طرفي النزاع في البلاد، وأن الأمم المتحدة والمنظمات المانحة تكافح لإيصال الإمدادات الغذائية للمتضررين وما أكثرهم.
وذكر الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أن السودان صاحب الـ 200 مليون فدان أراضي زراعية خصبة و11 نهر جاري وسادس أكبر ثروة حيوانية بـ 102 مليون رأس ماشية و400 مليار متر مكعب أمطار سنوية و105 أطنان ذهب إنتاج سنوي و1.4 مليون طن يورانيوم و6.8 مليار برميل نفط و85 مليار متر مكعب غاز و42 ألف طن إجمالي إنتاج الأسماك سنويا وينتج 39% من السمسم الأبيض في الإنتاج العالمي و23% من السمسم الأحمر.. يعاني.. ويكفي أن نعلم أنه بداخل مربع امتياز "أرياب" فقط تقدر كميات خام النحاس بنحو 1.3 مليون طن، والذهب 140 طنا، إلى جانب آلاف الأطنان من الفضة و700 ألف طن من الزنك تقدر قيمتها بأكثر من 16 مليون دولار.. حيث يعد السودان أغنى الدول العربية والأفريقية من حيث ثروته الزراعية والحيوانية والمعدنية، فضلا عن أنه أكبر بلد في العالم إنتاجا للصمغ العربي.
وقال أبوبكر الديب إن الشركات والمصانع والمصارف وسلاسل الإمداد في العاصمة السودانية وغيرها تتعرض لعمليات نهب وتدمير واسعة وتضررت مصانع عملاقة لهم، استغرق تأسيسها عشرات السنين وصرفت عليها أموال ضخمة للغاية.
وأشار إلى أن الزراعة تشكل أكبر قطاع اقتصادي في السودان٬ حيث يعيش حوالي 80 % من السكان في المناطق الريفية٬ ويشكل الرعاة والمزارعون حوالي 45 % بينما الصيادون يشكلون 12 %
وأكد أبوبكر الديب أنه برغم كل تلك الثروات الطبيعية والموارد الكبيرة في السودان الحبيب يعاني اقتصاد البلاد من أزمات وراء أزمات وحروب وراء حروب وصراعات طائفية وعرقية متعاقبة ساءت معها الأحوال المعيشية للمواطن، وساهم ذلك بانطلاق احتجاجات شعبية.. إنه واقع مؤلم ومرير لشعب صاحب حضارة وثقافة عريقة.
وذكر أن الاقتصاد السوداني يعاني من أزمات هيكلية خطيرة وسوء إدارة جعلته لا يستطيع إنتاج المواد الأساسية.. حيث أن أكثر من 30% من المصانع السودانية خارج الخدمة ونسبة الفقر تتجاوز 80%، وتتفاقم المشكلة بشكل أكبر في ظل الارتفاع المتواصل في معدلات البطالة والتضخم وانهيار العملة وتآكل الأجور وانعدام الخدمات بسبب الصراعات المسلحة والفساد وسوء إدارة الموارد وإهمال الإنتاج وغياب الخطط الحكومية السليمة وتغييب سلطة القانون وتحويل الدولة ومواردها لمصالح خاصة وإهمال القطاع الإنتاجي وغياب التنمية المتوازنة وتتوقع الامم المتحدة أن عدد الأشخاص الذين يعانون فقدانا حادا في الأمن الغذائي في السودان سيرتفع ما بين مليونين و2.5 مليون شخص، ما سيرفع العدد الإجمالي إلى 19 مليون إذا استمر النزاع الحالي، مشيرا إلى أنه حتي الان تسبب الصراع في تشريد نحو مليون شخص وأودى بحياة المئات.
وأضاف أبوبكر الديب أن خروج مطار الخرطوم من الخدمة أدى لحرمان البلاد من منفذ تجاري حيوي يسيطر على 5 % من إجمالي حجم التبادل التجاري وهناك فاقد 15 مليار دولار هي قيمة إجمالي واردات وصادرات السودان والتي هي شبه متوقفة وهناك 3 مليار دولار قيمة خسائر عائدات صادارت الذهب، والتي تسيطر على 50 % من إجمالي الصادرات السودانية، وتصل قيمة الخسائر المباشرة والغير مباشرة التي لحقت بقطاعي الصناعة والمصارف بنحو 5 مليارات دولار؛ وسط توقعات بأن ترتفع الخسائر بشكل كبير إذا لم تتوقف الحرب الحالية، وخرجت أكثر من 900 منشأة تعمل في مجال الصناعات الغذائية والدوائية ومختلف المجالات الأخرى في العاصمة السودانية الخرطوم عن الخدمة تماما بعد التخريب الكبير الذي تعرضت له.
وأوضح أنه "من شأن تصاعد الحرب الحالية أن تدفع الناتج المحلي الإجمالي للتراجع، فضلا عن تعطل عمل برنامج الغذاء العالمي، والإضرار بملايين السودانيين، بعد أن كانت توقعات صندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي تشير إلى نسبة 1.2 % وفي حال استمرار التصعيد المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، فإن مؤسسات التمويل الدولية لن تفرج عن أي مساعدات، فضلا عن انهيار البنية التحتية للدولة، وشلل كافة المرافق وتوقف برامج الدعم الإنساني مع الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات مما يهدد بأزمة جوع كبيرة، كما توقع، أن يؤدي الصراع العسكري الدائر حاليا بالسودان إلى أزمة اقتصادية طاحنة بالبلد الشقيق وقد تمتد آثارها إلي 7 دول مجاورة للسودان و13 دول قريبة منها، بعدد سكان لا يقل عن 750 مليون نسمة.
وقال الخبير الاقتصادي أن من أبرز الدول التي ستتأثر بالأزمة هي ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا وأريتريا وسط مخاوف من امتداد هذه الاضطرابات اليها، أو حدوث تدهور في البيئة الأمنية للمنطقة الأوسع، كما شوهد بمنطقة الساحل الأفريقي في السنوات الأخيرة.
وأشار إلى إمكانية هروب أو خروج ما يفوق 3 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة من البلاد خلال الأيام المقبلة وما لا يقل عن 20 مليار من دول جوار السودان حيث تسعي الاستثمارات إلى الإستقرار السياسي والاقتصادي.
وأكد الديب وجود عدد من الدول مغلقة اقتصاديا وتجاريا، ولا تمتلك موانئ أو منافذ بحرية وتعتمد علي السودان عبر ميناء بورتسودان لتوفير احتياجاتها من الخارج، ويشكل لها السودان معبرا للتجارة مع العالم الخارجي، مثل تشاد وجنوب السودان وإفريقيا الوسطى وإثيوبيا ودول أخرى.
وذكر الديب أن تأثر مصر بالصراع سيكون مؤقتا وضعيفا حيث يتمتع الاقتصاد المصري بمرونة اكتسبها من الازمات الدولية المتلاحقة كتداعيات كورونا والحرب الروسية الاوكرانية والعقوبات الغربية علي روسيا.
وقدر أبوبكر الديب، أن تنعكس المواجهات العنيفة التي تدور رحاها بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، علي الاقتصاد السوداني بنتائج شديدة السلبية على مستوى المؤشرات الاقتصادية الكلية، وكذلك على صعيد مستوى المعيشة للشعب الشقيق، الذي يرزح تحت وطأة الضغوطات وتداعيات الأزمات المحلية والدولية وزيادة معدلات الفقر والتضخم وانقطاع التيار الكهربائي ونقص إمدادات المياه.
وأوضح أن البنوك التنموية متعددة الأطراف التي تركز قروضها في تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا ستكون أول المتأثرين، ومع احتمالات امتداد الاشتباكات لدول في دول القارة السمراء المشتركة في الحدود مع السودان، أصبحت تمويلات التنمية من المؤسسات المالية الدولية محل تهديد.
وأوضح أبوبكر الديب أن ارتباط الدول الإفريقية بالسودان في الجوار سيؤثر عليها سلبا وخاصة إثيوبيا، نظرًا لاعتمادها على الموانئ السودانية في التجارة الدولية، فضلا عن مرور بضائعها عبر ميناء بورتسودان.
وأضاف أبوبكر الديب، أن الإقتصاد السوداني يعاني منذ سنوات من مشكلات هيكلية وضعف في الإنتاج والتهريب والفساد ما انعكس على تدهور الاقتصاد وفي حال استمرار التصعيد المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فإن مؤسسات التمويل الدولية لن تفرج عن أي مساعدات وكان البلد الشقيق قد خسر من التدفقات المالية غير المشروعة حوالى 5.4 مليار دولار بشكل سنوي بسبب غسل الأموال والتهرب من الجمارك والضرائب والتلاعب في الأسعار وفواتير عمليات الصادر والوارد، فضلًا عن تحويل عائدات جرائم الفساد الكبيرة إلى حسابات في الخارج كما أن حجم الخسائر التي تعرض لها السودان جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من الولايات المتحدة الأمريكية، تجاوزت 40 مليارا و531 مليون دولار.
وذكر الديب أن الناتج المحلي الإجمالي للسودان بلغ 34.3 مليار دولار، في نهاية عام 2021، وفق تقديرات البنك الدولي، كما أن معدل النمو الاقتصادي بلغ 0.3% في نهاية 2022، وفق تقديرات البنك المركزي بالسودان، ومن شأن تصاعد الحرب الحالية أن تؤثر بالسلب علي الناتج المحلي الإجمالي وتدفعه للتراجع، فضلا عن تعطل عمل برنامج الغذاء العالمي، والإضرار بملايين السودانيين بعد أن كانت توقعات صندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي في السودان تشير إلى 1.2% في عام 2023، بعد انكماش 2.5% في العام السابق، وهذه التوقعات كانت قبل اندلاع الصراع الأخير ووفق تقديرات البنك الدولي، يعتبر السودان واحدا من أفقر دول العالم، رغم كونه ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، لكن إنتاجه من المعدن الأصفر يعتمد على قطاع التعدين الأهلي بنحو 80% وهذا القطاع غالبا ما يهرب أكثر من 70% من إنتاجه وفي هذه الدولة التي يتجاوز عدد سكانها 45 مليون نسمة حذرت وكالات الإغاثة من ارتفاع مستويات الجوع، حيث عانى أكثر من ثلث السكان من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد العام الماضي.
قال أبوبكر الديب الباحث في العلاقات الدولية والإقتصاد السياسي إن ثروات الشعب السوداني تستخدم في الصراع الدائر حاليا بالبلاد مشيرا إلى السودان أحد أهم منتجي الذهب في القارة الافريقية والثالث عشر بين البلدان المنتجة للذهب في العالم ويحاول طرفي الصراع السيطرة على المعدن الأصفر، ما جعل السودان يعد واحد من أكثر البلاد فقرا رغم أنه يعوم على بحر من الثروات وتصل احتياطياته من الذهب إلى 1550 طنا.
وأوضح أبوبكر الديب أن صناعة الذهب في السودان توفر موارد هائلة لكنه للاسف يتم تهريب هذه الثروة السودانية إلى الخارج لينفق منها علي الحرب الاهلية مقدرا أن تصل قيمة حصيلة إنتاج الذهب في السودان بالإمكانات الحالية إلى نحو 5.5 مليار دولار سنويا، يجرى نهب 4 مليارات دولار منها لصالح الأطراف المتصارعة.
ووأكد أن مناجم الذهب توجد في صحارى وجبال شرق نهر النيل وفي محاذاة البحر الأحمر وأعلى سلسلة جبال البحر الأحمر وأيضًا في مناطق جبال النوبة ومنطقة كردفان ودارفور.
وحذر أبوبكر الديب من اتساع الحرب واستمرارها سيكبد الاقتصاد السوداني وخزينة الدولة خسائر كبيرة، وتزيد من متوسط معدلات التضخم، التي بلغت نسبتها 700 % وسيفقد السودان 2.5 مليار دولار من عائدات الذهب.
وذكر أبوبكر الديب أن السودان أنتج 18.6 مليون طن ذهب في عام 2022 بزيادة قدرها 611 كجم عن العام 2019 حسب الشركة السودانية للثروة المعدنية لكن هذا لا يمثل الا 50% من إجمالي ما ينتجه السودان من الذهب إذ تذهب النسبة الأخرى التي يتم إنتاجها بشكل غير رسمي، حيث بلغ إنتاج منجم "هاساي" وحده منذ اكتشافه حوالي 14.09 مليون طن ذهب.
وأشار أبوبكر الديب إلى أنه في مارس من عام 2022، دعا البنك المركزي السوداني إلى إصدار تعميم للبنوك المحلية بحظر تصدير الذهب من جانب الجهات الحكومية والأجانب الافراد والشركات، وقصر عمليات التصدير على الشركات التي لديها امتياز عمل في مجال التعدين فقط، بل وقصر دور البنك المركزي في سوق الذهب على عمليات الشراء لبناء الاحتياطيات فقط.
وقال أبوبكر الديب إن الشركات العاملة بالتنقيب عن الذهب بالسودان يبلغ عددها 423 شركة، تستحوذ على حوالي 300 كم مربع من أماكن الامتياز، بخلاف ما يتم انتاجه بشكل غير رسمي.
وأشار إلى أنه في سبتمبر 2012 افتتح الرئيس السوداني السابق “عمر البشير” أول مصفاة للذهب في البلاد، والتي خطط لها أن تكون الأكبر في إفريقيا بإنتاج أكثر من 328 طن من الذهب سنويا لكن للأسف فإن الذهب المعلن بالقنوات الرسمية بالسودان يمثل 10% فقط من الإنتاج الكلي للذهب، كما أن بيانات البنك المركزي السوداني عن العام 2021 تشير إلى فقدان حوالي 32.7 طن من الذهب، مشيرا إلى أن ذهب السودان يتميز بمعدلات تركيز عالية جدا حيث يحوي كل طن من الخام المستخرج علي 100 جرام من الذهب، وهناك جهات دولية تعمل علي سرقة ثروات السودان في غيبة من القانون الدولي.