اليمن بعد تسع سنوات حرب ومجاعة.. سيناريوهات ومتغيرات
دخلت الحرب في اليمن شهر مارس الماضي عامها التاسع وسط تغير كلي في ملامح المشهد العسكري والسياسي عما كان عليه خلال الأعوام الثمانية الماضية.
التوصيف الأدق لما يشهده اليمن في هذه المرحلة هو أنه يعيش حالة من اللا حرب واللا سلم بعد فترة من هدنة جرى تمديدها لعدة أشهر، استمرت بعد الإعلان عن تعذر تجديدها في الثاني من أكتوبر الماضي، لكن حرب الحوثيين ظلت مستمرة ضد الجنوب والجنوبيين.
متغيرات داخلية:
١- تعاظم دور ونفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الجنوبية في كل مسائل الحرب والسلام.
٢- تواصل فساد وفشل مؤسسات الدولة "الشرعية" وعجزها عن التعامل الحازم مع الحوثيين لا سلما ولا حربا.
٣- زيادة حالة معاناة الناس في الجنوب وربما في الشمال المعاناة أكثر وافضع لكن وسائل الإعلام الحوثية وكذلك اليمنية تحاول التغطية على تلك الاوضاع في الشمال مقابل تركيزها على سفاسف الأشياء في الجنوب.
أما على الجانب الآخر، فقد اشتدت قبضة الحركة الحوثية على المناطق الخاضعة لسيطرتها وسط تفاقم معاناة سكان هذه المناطق وتنامي مشاعر الرفض لكن دون وصول ذلك إلى مقاومة ملموسة لجملة الإجراءات الأمنية والتدابير الاقتصادية التي تحاول الحركة فرضها باستخدام سلطة "الأمر الواقع" لضمان استمرار وجودها.
وما تزال الحركة ماضية في تنفيذ مشروعها "الطائفي" دون اكتراث للانتقادات المتزايدة الموجهة إليها من الداخل والخارج على حد سواء.
متغيرات خارجية:
أبرزها الاتفاق بين السعودية وإيران برعاية صينية.
ثمة إجماع على أن الملف اليمني يجب أن يمثل أحد العناصر الجوهرية في التفاهمات المقبلة بين الجانبين السعودي الايراني عقب اتفاقهما الموقع برعاية صينية.
السعودية أحوج ما تكون لوضع نهاية لهذه الحرب، لكن الأمر سيظل مرهونًا بمدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه إيران على حركة الحوثيين للقبول بتسوية سلمية للأزمة المزمنة والحروب المستمرة في اليمن.
هنا يظهر سؤال ملح عما يمكن أن تكون عليه خيارات السعوديين في حال امتناع الإيرانيين عن ممارسة ضغط حقيقي وفعالٍ على الحركة المتحالفة معهم؟
الاجابة البديهية على هذا السؤال تكمن في الضربات العسكرية بالتوالي والتوازي حتى رضوخهم وعودتهم إلى طاولة الحوار.
السيناريوهات المحتملة:
في حال صح أن اتفاق الرياض مع طهران مصمم في الأساس لحل مشكلاتهما الثنائية الأمنية والاقتصادية فقد يؤدي الاخفاق في إلزام القوى اليمنية المؤثرة على الأرض بحل سياسي للنزاع إلى انسحاب السعودية من هذا الملف برمته وترك اليمن وحده يتخبط في صراعاته الداخلية لسنوات أخرى قادمة.
هذا يعني استكمال سيطرة جماعة الحوثي ما تبقى من الشمال في تعز ومأرب بالكامل وانسحاب السعودية والإمارات من المشهد، في حين سيتمسك الجنوبيون بالدفاع عن أرضهم والمضي قدما في استعادة دولتهم.
غير إنه في حال انسحاب السعودية من المشهد اليمني برمته، فلا يوجد ما يضمن للرياض الأمن والمصالح التي ترجوها من اتفاقها مع إيران، فاستقرار السعودية مرتبط باستقرار جارها الجنوبي وليس فقط مع ذلك الجزء من حدودها الذي تسيطر عليه الحركة الحوثية.
دعم استعادة دولة الجنوب وفي نفس الوقت اضعاف الحوثيين هو الكفيل بالوصول إلى حل سياسي شامل وعادل وتحقيق أمن واستقرار معقول في المنطقة برمتها.