هل أصبح التطبيع بين إسرائيل وليبيا واقعًا أم مشروعًا في طور التنفيذ؟
فجر إعلان وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس عن لقاء جمع وزير الخارجية إيلي كوهين بوزير الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، في إيطاليا الأسبوع الماضي غضبًا شعبيًا وسياسيًا واسعًا في ليبيا، وهو ما دعا المجلس الرئاسي الليبي لنفي علمه باجتماع كهذا واعتبره غير قانوني.
وعلى وقع ذلك الاجتماع قرر رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، إيقاف المنقوش عن عملها وإحالتها إلى التحقيق، وتشكيل لجنة تحقيق ترأسها وزيرة العدل وتضم وزير الحكم المحلي ومدير إدارة الشؤون القانونية والشكاوى بمجلس الوزراء. لكن يبدو أن رئيس الوزراء كان على علم بالمحادثات بين وزيرة خارجيته وكوهين في إيطاليا.
وكشفت وكالة أنباء أسوشيتد برس الأميريكية أن رئيس المخابرات الأميركية، ويليام بيرنز، بحث في لقاء مع الدبيبة في الشهر ذاته، إمكانية إقامة علاقات بين إسرائيل وليبيا، لكن الدبيبة رد بأنه غير قادر على ذلك بسبب الرأي العام الرافض للتطبيع مع إسرائيل.
ومن جانب آخر أعطى رئيس الوزراء الليبي موافقة مبدئية على الانضمام إلى "اتفاقات أبراهام" التي توسطت فيها الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه أعرب عن قلقه بشأن رد الفعل الشعبي العنيف في دولة معروفة بدعمها السابق للقضية الفلسطينية.
الدبيبة بصفته رئيس حكومة الوحدة الوطنية – المنتهية ولايتها - سعى إلى إرضاء الحكومات الأجنبية لأنه تعرض لضغوط متزايدة من الأمم المتحدة ودول أخرى بشأن الجمود السياسي في ليبيا. وأما قراره بإيقاف وزير خارجيته عن العمل فيهدف إلى تهدئة الغضب الشعبي.
الدبيبة يعتقد أن الطريق للبيت الأبيض تمر عبر إسرائيل، مبررًا ذلك بسعي أنظمة عربية عديدة إلى فتح قنوات اتصال أو إقامة علاقات غير علنية مع إسرائيل، لتحسين علاقاتها مع البيت الأبيض.
وقد سبق لقاء المنقوش بكوهين، لقاء نجل خليفة حفتر، صدام، بمسؤولين إسرائيليين، وذلك حسب تقارير إخبارية إسرائيلية.
وقد كانت إسرائيل تهتم دائما بليبيا، بسبب موقعها الجيوستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط وبجوار مصر، وكذلك بسبب جالية يهودية كبيرة في ليبيا وتأثيرهم بعد هجرتهم إلى إيطاليا، وفي مرحلة لاحقة تقرر في الموساد أنه ينبغي إقامة علاقات مع الحكومة الرسمية في طرابلس.
من خلال ما سبق، يتّضح أن المساعي الإسرائيلية للتطبيع مع ليبيا، والمستمرة منذ عقدين تقريبًا، هي مساعٍ جادّة، لأن إسرائيل تدرك الأبعاد الاستراتيجية لأي علاقة قد تنشأ بينها وبين ليبيا سواء مع حكومة دبيبة الموالية للإخوان، أو حتى مع الجنرال خليفة حفتر والقوى الداعمة له.
وهنا يبرز سؤال كبير بشأن مصلحة أي من القوى السياسية الليبية، على اختلاف توجهاتها، في خطب إسرائيل، التي لا تقدّم شيئًا بالمجّان، ولا تقيم اعتبارًا إلاّ للدول القوية والمقتدرة، ولمصالحها الذاتية في الدرجة الأولى.